|
الجزيرة - ندى الربيعة:
طرحت بعض شركات التقسيط بالمملكة، برامج تمويلية لشراء السلع والمواد الغذائية اللازمة لشهر رمضان بالتقسيط، وذلك لذوي رواتب الـ 5 آلاف ريال فأقل، الأمر الذي دعا اقتصاديين للحث على ضرورة تجنب هذه البرامج، كونها تزيد أعباءهم المالية، لافتين إلى أن هذه الشريحة من المواطنين تحديداً بحاجة إلى المساعدة وليس الإقراض، مع ضرورة تغيير النمط الاستهلاكي السائد حالياً.
ويقول الاقتصادي محمد العنقري لـ»الجزيرة»: القروض أصبحت تظهر في عدة أشكال، وتهدف في الأصل إلى تمكين العميل من الحصول على احتياجاته الضرورية باختزال عامل الزمن لتوفير هذا المبلغ أو لأغراض أخرى، ولكن أن يتم طرح احتياجات رمضان من سلع ومواد غذائية عبر برامج تقسيط أو إقراض فهي تعكس حالة فريدة من نوعها، تتمثَّل في أن من وضع هذا المنتج يعرف أن هناك فئات لا تستطيع توفير احتياجات الشهر الكريم، وهذا يدل على تقاعس وزارات معنية في مساعدة هذه الشريحة من المواطنين، وهو ناتج أيضاً عن تأخر نظام الجمعيات التعاونية.
وطالب العنقري بضرورة إعادة النظر في نظام الأجور «منخفض جداً بما يخص الدرجات الأدنى، من ناحية كفايته لمتطلبات الحياة سواء للقطاع العام أو الخاص».
وفيما يخص المستهلك، يرى العنقري بأنه لا يفترض اندفاعه في الشراء بكميات ضخمة، «السلع متوفرة في كل وقت، ويجب أن يأخذ احتياجاته التي تكفيه، وأن يقدر حجم استهلاكه».
ودعا العنقري إلى تغيير ثقافة الاستهلاك المحلي، «فالهدر كبير بالسلع الغذائية وفقاً لدراسات وإحصاءات عديدة، ويجب أن تقوم عدة جهات بدور توعوي حول الثقافة الاستهلاكية، بدايةً من خطباء المساجد وصولاً إلى مناهج التعليم، فهذه الثقافة لا بد من تغييرها وهو ما لن يتم إلا وفق برنامج شامل بمشاركة كافة الأطراف المعنية».
من جانبه قال الكاتب الاقتصادي فضل أبو العينين: لا أعتقد أن من يقل راتبه عن 5آلاف ريال بحاجة إلى برامج تقسيط لشراء مواد غذائية بمبلغ 3 آلاف ريال، ولكنه يحتاج إلى مساعدات وليس إقراضاً، على أساس أن توفير الالتزامات الأساسية، يسيطر على الجزء الأكبر من الدخل، وأضاف البوعينين: أي توفير لقنوات تمويلية في هذا الجانب، سيكون عبئأ مالياً إضافياً على المستهلك بدلاً من مساعدته، وكنت أتمنى أن يكون هناك مساعدات لمتدني الدخل وليس إقراضهم لشراء حاجياتهم الأساسية، فنحن في مجتمع تكاملي يحث ديننا الاسلامي فيه على التكافل والمساعدة، وعلى الصدقة، وليس التمويل بفوائد أو حتى التمويل لالتزامات مستقبلية، فأنا ضد هذه الفكرة وأتمنى أن لا يتم تطبيقها.
وتابع: هذا التمويل ليس إلا تسويقاً لمنتجين أساسيين، الأول تسويق المال من خلال الحصول على الفوائد، والآخر زيادة حجم مبيعات التجار، والحلقة الأضعف في المعادلة هي المستهلك، الذي سيقترض وتزيد قدرته الشرائية بما يساعده على شراء ما لا يحتاج.
وقال البوعينين: بالنظر لدخل مواطن بسيط يصل إلى 5 آلاف ريال فهو قادر على توفير احتياجاته الأساسية، ولكنه غير قادر على توفير المواد الاستهلاكية، ففي هذه الحالة يجب عليه تنظيم الإنفاق، ويفترض أن يكون تركيزه الأكبر على الحاجيات الأساسية وليس الاستهلاكية، والأكيد أن هذا التمويل سيساعد في رفع مبيعات التجار وزيادة أرباحهم على حساب المستهلك.
وأشار إلى ضرورة تغيير الثقافة المترسخة لدى المجتمع حول الإنفاق قائلاً: نحن بحاجة الى تغيير الثقافة الاستهلاكية إلى نظيرتها الإنتاجية، ولا يجب النظر الى هذا البرنامج بشكل إيجابي، فمواسم رمضان والأعياد والعودة إلى المدارس مواسم ثابتة لن تتغير، ومن كان دخله أقل من احتياجاته فهو يحتاج إلى مساعدة وليس إقراضاً، ويجب علينا أن نبتعد عن ثقافة الاقتراض ونعزز الثقافة التكافلية، وأن نوفر للأسر الفقيرة وسائل تكافلية، وبذلك نكون ساهمنا بحل مشكلة كبرى تواجهها بعض الأسر التي يقل دخلها عن احتياجاتها الأساسية كما أنها تعود على مضاعفة أموال المنفق.
من ناحيته قال المستثمر في مجال التقسيط والتمويل عصام آل عبد السلام: وجد في الفترة الأخيرة وللأسف الشديد الإنفاق البيّن في مؤنة رمضان، مما يستنفد ما يجاوز الـ 40% كحد أدنى من الأجر، وبالتالي يتأثر باقي الشهر، ومن هذا المنطلق فإن مثل هذا البرنامج الجديد، يساهم بشكل أو بآخر في الموازنة بين الدخل والإنفاق، وكانت التجربة مع أحد الأسواق التجارية من خلال بطاقاتهم الشرائية.. وأضاف بأن غالبية الفئات التي طرح لها هذا البرنامج من متوسطي راتب الـ 5000 ريال، بحيث لا يكون متعثراً في قروض سابقة، موضحاً أنه يوجد نسبة إقبال جيدة.