الرياض تستحق مسمى مدينة الشمس الساخنة أو اللاهبة أو حتى الحارقة.. ففي أشهر الصيف شمس الرياض الساطعة دائماً ما تكون معطّلة للحياة العامة بسخونتها حارقة للجلد بحرارتها ضارة للعين بسطوعها مؤذية للجيوب الأنفية بجفافها معيقة للعمل والحركة والحياة الطبيعية.. أنها وبكل بساطة أحد عوائق التنمية.
لذلك فإن الصيف هو موسم الهروب الكبير من الرياض لكل من استطاع إليه سبيلاً.. حتى الذي يكرهون السفر أو لديهم ارتباطات اجتماعية أو عملية لا بد منها لا يجدون مفراً من الفرار بأنفسهم من شمس صيف الرياض.. فهي شيء لا يطيقه إلا مضطر.. لذلك تنقلب حياة الناس في إجازات الصيف فيسهرون الليل وينامون النهار.. مما ولد لديهم مشاكل صحية.. لعل أوضحها النقص الشديد لفيتامين (د) عند معظم السكان.
شمس الرياض تحيل البيت إلى تنور والسيارة إلى فرن وتذيب البلاستك وتكوي يد اللامس وتصهر المعادن وتتلف الممتلكات.. حدت من حركة الناس ودفعتهم إلى بناء قلاع معزولة مكيفة لسكنهم وفرضت على القادرين اقتناء وتوفير كل ما يحتاجونه في بيوتهم حتى يقلّلون من حاجتهم للخروج.. وإذا كان الناس في الصيف يسيحون في أنحاء العالم فإن أهل الرياض يهاجرون في جماعات ويستهدفون في سياحتهم البلاد الباردة الغانمة الممطرة الخضراء لم لا وكل يبحث عمّا ينقصه.
مع هذا كله تمنع أمانة منطقة الرياض سكانها من إقامة مظلات للسيارات إن لم تكن داخل سور المنزل.. حتى لو كانت في الارتداد الخاص به وحتى لو كانت جيدة الصنع جميلة الألوان.. مما يرفع السؤال: لماذا لا تسمح الأمانة لنا بحماية أنفسنا وممتلكاتنا من الشمس.. ولماذا لا تضع شروطاً تضمن أن تضيف المظلة لمظهر المدينة جمالاً ولا تخدشه.. وإذا كان هناك مدن اشتهرت باللون الأبيض أو القرميد الأحمر.. لماذا لا تشتهر الرياض بأنها مدينة المظلات الجميلة.. فقد تعاونت الشمس الحارقة مع الغبار في التنكيل بسكان الرياض.. وزاد عليها حركة الإنشاء الكبيرة التي تعيشها في التنكيد عليهم فاحترقت جلودهم وامتلأت بالتراب عيونهم وأنوفهم وأذانهم وأفواههم ورئاهم وأماكن سكنهم ومكاتب عملهم ووسائل تنقلهم.
يا أمين الرياض نعلم أن من مهام الأمانة العناية بكل ساكن في الرياض منذ أن يولد حتى يدفن وتستمر رعايتها لقبره حتى يرث الله الأرض ومن عليها.. وهذه مهمة كبيرة لا شك نقدّرها للأمانة.. لكننا نكتوي يومياً بشمس الرياض وندعوكم في هذا الشهر المبارك للنظر في قرار المنع.. على أمل أن نصوم العام القادم وسياراتنا تحت مظلاتنا.. فلا نقودها ظهراً عائدون إلى بيوتنا وقد تحوّلت إلى قطعة من الجحيم.