ما تشهده شوارع القاهرة، وما تسرّب من اجتماع القيادة العليا للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين الذي عُقد في إسطنبول يُؤكد أن هذا التنظيم يحاول أن يتشبث بالسلطة في مصر بعد أن فقدها لسوء تدبير من وصلوا إلى الحكم، وبعد أن رفضتهم الأكثرية العظمى من الشعب المصري الذي لا يريد أن يكون كبش فداء للإخوان من أجل تمكينهم من تنفيذ أجندتهم الشمولية.
المصريون يحتفظون في ذاكرتهم الوطنية بتجربة مريرة مشابهة لما يريد أن يقوم به الإخوان المسلمون، وإن اختلف التوجه، فقد رهنَ جمال عبد الناصر مصر كل مصر، بمواردها وأبنائها والكيان والقطر بأكمله من أجل تحقيق أحلامه في قيادة الأمة العربية من خلال نشر الفكر القومي الناصري، وجُنّدت كل إمكانيات مصر لتحقيق الريادة القومية لعبد الناصر، يومها تورطت مصر في حروب إقليمية ودُمر الاقتصاد المصري الذي لا يزال يعاني من مغامرة عبد الناصر، والآن يكرر الإخوان المسلمون نفس المغامرة وإن على مستوى أكبر وطموح أبعد إذ يسعى الإخوان المسلمون إلى الانطلاق من مصر لتحقيق حكم الخلافة الإسلامية وفق رؤية الإخوان المسلمين، ولا يضرهم أن يدمروا مصر وشعب مصر وشباب مصر من أجل تحقيق هذا الهدف، والذين قرأوا توصيات اجتماع إسطنبول الأخير للقيادات العليا للتنظيم الدولي للإخوان يرون أن خطوات تدمير مصر وتوريط شباب مصر في مواجهات مع القوات المسلحة والأمن في شوارع القاهرة وآخرها في ميدان رمسيس وفوق كوبري 6 أكتوبر، إصرار على فرض أجندة الإخوان المسلمين على المصريين، وتوظيف مصر ومقدراتها لخدمة أجندة تنظيم دولي يحلم في تحقيق طموحات ولّى عليها الزمن، ويرى هؤلاء المتابعون ما يقوم به الإخوان المسلمون بأنه انتحار جديد يبعد الإخوان من الشعب المصري ويحول كثيراً بينهم وبين تحقيق أحلامهم.
jaser@al-jazirah.com.sa