تحوّل الشهر الكريم إلى سوق رائجة للمسلسلات والبرامج التي يغلب عليها التهريج، وجذب الناس إلى مشاهدة أعمال ضعيفة ليس لها هدف غير الربح والكسب المادي، وإن كنا لا ننكر وجود أعمال راقية لكنها قليلة جداً، وقد يكون هذا العام الأفقر في هذا الجانب.
وإذا كنا جميعاً نسعى إلى تلقين أطفالنا الآداب والأخلاق القويمة ونحرص على سلامة لسانهم من ألفاظ غير مستساغة، فإن المؤسف أن بعض المسلسلات التي تعرض على القنوات الفضائية عقب الإفطار تمتلئ بألفاظ سيئة وبحركات مستهجنة تأتي من ممثلين يفترض أن يكونوا قدوة في بناء المجتمع على أسس سليمة من خلال أعمالهم الفنية، فما يطلقونه من كلمات أو جمل غير لائقة تؤثِّر في أبنائنا وبخاصة الأطفال الذين سيعمدون إلى ترديدها وتقليد الحركات التي يشاهدونها، وإذا كان ذلك مستقبحاً في الأيام العادية فهو مستقبح جداً في شهر رمضان الذي هو شهر المراجعة، وشهر التأسي بالأخلاق الإسلامية الرفيعة، وشهر تذكّر رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام قولاً وفعلاً.
لست ضد تقديم أعمال مسلِّية، ولكن ضد أن تبنى على التهريج بالألفاظ غير اللائقة، والحركات غير المناسبة، وإذا كان المنتجون غير حريصين على تبني ذلك فإن على محطات التلفزيون رفضها والإصرار على تقديم ما يقدِّم التسلية مع التربية وغرس القيم والأخلاق وحب العمل والبحث عن الابتكار.
إن الأمر لا يتوقف على رمضان هذه السنة، ولكن يتكرر في كل سنة وعلى درجة عالية من التركيز باستخدام كل وسائل الإعلان والدعاية لجذب الانتباه إلى هذه المسلسلات، ومن ثم تصبح القنوات ووسائل الإعلام شريكة فيما تقدّم من أعمال فنية مؤثِّرة في السلوك العام، ولعل السعي إلى تخليص الأعمال الفنية من التهريج ومن كل ما يؤثِّر سلباً في السلوك العام قولاً وفعلاً ينظر فيه نظرة جادة من ذوي القرار في القنوات الفضائية في قادم السنين، لحفظ قدسية هذا الشهر الذي هو شهر العبادة والإنتاج الإيجابي والتأسي والتذكّر لكل فعل حميد جاء به الإسلام أو أكَّد عليه.