ينتظر عشاق المستديرة في بلادنا الموسم الرياضي المقبل بلهفة غير مسبوقة، فأغلب الأندية أبرمت صفقات كبيرة أسمعت القاصي والداني إما لسبب قيمتها المادية العالية أو لكون الأسماء التي انتقلت من هنا إلى هناك هي أسماء رنانة لها ثقلها في ملاعبنا السعودية. والغريب في كل هذا الصخب التعاقدي نرى عميد الأندية يقبع في أقصى هذا المحفل منطوياً على نفسه لا يكاد يُسمع له صوت. قد يعزو البعض هذا الصمت لهدوء ما قبل العاصفة، في حين يرى المتابعون عن كثب أن هذا النمر الاتحادي الجميل مثخن بجراحٍ يصعب أن تبرأ بتلك السهولة، فهو لا يزال يلعقها مسابقاً الزمن عسى أن يسترد بعضاً من عافيته قبل خوض معترك الموسم الأسخن (على الورق حالياً) في عدة سنوات مضت. العميد لم يعان من طعنات خصومه أو رماح منافسيه، فالعلة داخلية والعدو للاتحاد الكيان يكمن في الداخل وكأني بهذا الكبير يصرخ بمقولة: (اللهم اكفني شر أصحابي أما أعدائي فأنا كفيل بهم). فلا يمكن أن يُترك الاتحاد في أيدي صحافة جعلت من حب الاتحاد مطيّة لا أكثر لتصل إلى مكاسب شخصية بحتة، ولا يجب أن يُترك العميد في أيدي أعضاء شرف يعشقون حب الظهور والأضواء على حساب الكيان وعلى حساب جماهيره العاشقة التي عاشت فترة من المجد الأصفر تحلم ليل نهار بعودته متجاهلة كل الدلائل على عدم مقدرة من يدّعي أنه السر الوحيد لعودة ذلك المجد التليد، فهم عشاق ولا يلامون، فالعاشق يتعلّق بقشة أمل ولو كان في وسط محيط هادر. ولا يجب أيضاً أن يُترك الاتحاد في أيدي إدارة خلطت ما بين مبدأ التجديد ومبدأ التفريط، فهذا المبدأ متى استخدم بشكل خاطئ فهو يعتبر تقزيماً لنادٍ كبير لا يجب أن يعامل كفرق تكملة العدد في سلم جدول الدوري. فالكبار يبنون وهم ينجزون، يزرعون وهم يحصدون، يغيِّرون جلدهم قطعة قطعة ولكن لا يتعرّون. فالاستغناء عن هذا الكم الكبير من العناصر الأساسية ورموز الفريق سيجعل التركيبة الأساسية للفريق تهتز، وهذا الاهتزاز لا يستطيع حديثو التجربة ومن لم تشتد أعوادهم في المنافسات والنزالات أن يوقفوه أو يمنعوه، فهم ما زالوا يحتاجون للتوجيه من زملاء الخبرة ونصائح المتمرسين في نفس الفريق. ومهما كانت الإدارة قوية وواعية والجهاز الفني خبيراً (وهو ليس كذلك حالياً للأسف) لا يمكنهم أن يعوّضوا نظرة الثقة تلك التي لمحها اللاعب الشاب في أعين زملائه القدامى عندما يجدون أنفسهم في موقف صعب أو في مأزق حقيقي،لك النظرة التي تقول: (لا تخف، فقد مررنا بما هو أسوأ واجتزناه).
كل ما أخشاه على فرقة النمور هي الثقة الخداعة التي تولّدت في قلوب البعض بعد الحصول على كأس الملك للأبطال (والتي حققها العميد بكل جدارة) والتي كانت نتيجة فورة تغيير ونشوة حرص على إثبات الوجود بعد رحيل الرموز الكبيرة، فالدوري بالذات والذي يعتبر المحك الحقيقي لأي فريق لا يقوى عليه قصير النفس أو قليل التجربة أو من لم يتشبع بصفة البطل، فالاتحاد ككيان يعتبر من أكبر كبار المملكة، فهل يرتقي جنوده لتلك المنزلة بلا عتاد بطولي متراكم؟ لننتظر ونرى.
بقايا...
- إلى الآن لم يكتمل عقد أجانب الاتحاد، وحتى الأسماء التي يتم تداولها تثير القلق في نفوس محبيه أكثر من التفاؤل.
- بعد نور وهزازي ومنتشري والسعيد وتكر ومبروك زايد، يلوح في الأفق رحيل مؤكّد لأحد هذين الاسمين كريري وأسامة المولد ورحيل أقل تأكيداً لكليهما، هل ضاق حضن العميد بأبنائه؟
- عدم وجود الراعي، وصرف كامل مبلغ بيع عقد نايف هزازي على مستحقات قديمة، ومطالبات تطفو على السطح كل فترة وأخرى، تنبئ بمستقبل مخيف للعميد.
- البناء هو عملية شاقة طويلة، عندما تتزامن بهدم الأساسات فيجب على القائمين عليها الانتظار طويلاً وعدم الاستعجال على نتائجها، فهل سيصبر الجمهور على ذلك؟
- هل يرتضي الاتحاد لنفسه أن يكون فصلاً خامساً في فصول الكرة عندنا بعد الهلال والشباب والأهلي والنصر؟ للأسف، إنه يُساق إلى ما أبعد من ذلك بأيدي أبنائه.
خاتمة...
رحل قبل أيام قليلة عنّا وعن دنيانا الفانية خالي الدكتور عبدالإله المؤيد بعد معاناة طويلة مع المرض كان خلالها صبوح الوجه، حاضر الابتسامة، جميل المعشر كما عهدناه طوال حياته. رحل عنا أبو أسامة وسيرته العطرة نراها في كل ذكرى وفي كل موقف. قليلون هم من يضعون بصمة في حياة كل من يقابلهم، وأبو أسامة كان محور حياة الكثيرين ولم يكن فقط محطة عابرة لهم. رحمه الله وأسكنه فسيح جناته وجمعنا به في جنات النعيم.
Twitter: @guss911