إذا قال لك أحد أصدقائك أو معارفك إنه يتبع حمية فاحذر أن تعرض عليه طعاماً! تبدو نصيحة بديهية، فيقول القارئ: وهل في هذا شك؟ إذا كان الشخص يسير على نظام غذائي معيّن فلن أفسد عليه ذلك. ولكن كم رأيتها تُكسَر باسم الكرم! رأيت الكثير من الذين حاولوا أن يتبعوا حياة أكثر صحية ويتجنبوا المأكولات الضارة المليئة بالسكر والدهون والكيماويات، فإذا ذهبوا يسلّمون على بعض المعارف -ولو سلاماً عابراً- عرض عليهم بعض الحلوى، وإذا قالوا إنهم يتبعون حمية أصرَّ أن يأكلوا طعامه وأن يصنعوا استثناءً! هذا ليس كرماً بل شخصياً أرى أنه أقرب للّؤم أن لا يراعي الشخص صحة الآخرين ويصر أن يتناولوا طعاماً يزيد وزنهم ويضر صحتهم. وهذه المجاملة الزائدة من المصائب التي ابتلينا بها في مجتمعنا، وتكثر هذه عند من لديهم علاقات اجتماعية كثيرة إما بحكم منصبهم أو بسبب طبيعتهم الاجتماعية. وقد قال أحد الأقدمين: إياك ورِقُّ الأحرار، والرقُّ هو العبودية، ويَقصد بهذا أن يُكثر المرء من العلاقات والمعارف حتى يكون في وضع استعباد اجتماعي، فيوم يتبع جنازة، ويوم يحضر حفلاً، ويوم يهنّئ عريساً، ويوم يُدعى لتجمّع، وهكذا لا يبقى له وقت وتصير حياته قائمة على مجاملة الآخرين وحضور مناسباتهم.
ومِن هذا أن لا يكون الشخص مالكاً حتى لصحته، فمن يُدعى لزواج أو مناسبة يصْعُب عليه أن يمتنع عن الطعام ويجلس والناس يأكلون، والمشكلة أن أكْلنا القائم على كميات وافرة من الرز والدهون أكلٌ غير صحي، فإذا جمعنا هذا مع عادة المجاملة الاجتماعية التي تُجبر حتى صاحب الحمية أن يترك حميته ويأكل هذا الأكل الضار استفحلت المشكلة. ما الحل؟ الصراحة والصمود على المبادئ أول ما يتبادر للذهن –على ما في هذا من صعوبة-، ولكن هناك حل آخر وهو أن نوفّر طعاماً أو ضيافةً صحية لمن لا يريدون تناول الأكل الضار، فبدلاً من تضييف الضيف بالشوكولا لِمَ لا نعرض تمراً أو فاكهة؟ لن تجد شيئاً يجمع بين الفائدة والصحة مثل الموز والفراولة والتوت وأخواتها. وبدلاً من جبال الرز المشبع بالدهون التي تتقاطر في كل مكان وتسيح على سماط الطعام، لماذا لا نضع بديلاً صحياً لمن يرغبون اتباع نظام غذائي أكثر صحة أو من يريدون إنقاص وزنهم مثل الخضراوات والأسماك (غير المقلية)؟ حتى البطاطس المقلية نستطيع أن نخفف من ضررها بأن نشويها في الفرن بدلاً من أن نقليها، فيذهب ضرر الزيت الكثير الذي تمتصه البطاطس. لو أحللنا المأكولات الصحية مكان المأكولات الضارة بشكلٍ دائم لصرنا –بإذن الله- أفضل حالاً بكثير من ناحية الصحة والرشاقة.
هناك الكثير من البدائل التي نستطيع أن نضعها مكان المأكولات الضارة التي تعودنا عليها وصارت جزءاً سيئاً من تقاليدنا وعاداتنا، والآن خصوصاً في عصر العلم وتوفر المعلومات لكل شخص فلا عذر لنا أن نُصر على التمسك بتقاليد غذائية صرنا نعلم أنها تضر صحتنا وتسبب الأمراض والوفيات، وقد أثبت العلم ذلك بلا أي شك أو غموض. ضعوا صحتكم فوق المجاملات.
Twitter: @i_alammar