الذاكرة الوطنية إرث الأوطان والإنسان، هي الماضي الذي لا مناص من العودة إليه، فالذاكرة المغيبة هي ذاكرة المهزومين والمبعثرين، ومن لا ذاكرة له لا يمكن أن يؤسس لمستقبل رصين ، فالذاكرة تترك وشمها على تاريخ الوطن بسيئها وجيدها، لذا لابد من بناء الذاكرة الوطنية،

فهي عملية بناء تُثري الحياة الفكرية والسياسية للمجتمعات، فالدور الذي يلعبه تراكم الذاكرة الوطنية هو دور الديمومة والحياة وهو دور المثقف، فالمثقف يتحمل مسؤولية كبيرة في بناء الذاكرة الوطنية من خلال العمل الإبداعي والنتاج الفكري والثقافي، من خلال حسه الإنساني العالي، فخطورة دور المثقف تكمن في إلتزامه بالحقيقة والموضوعية، فكم من مزور لذاكرة الوطن ظلل الأجيال وأحدث انحراف في مسيرتها الحضارية، فجاء بناء الوطن معوجاً ومسيرته عرجاء، وأنا هنا حينما أحمل المثقف هذه المسؤولية، فلأنه ضمير الوطن وصوت الأمة، فكم من فنان وكاتب نذر نفسه لوطنه من خلال عمله الإبداعي الذي يستقيه من ذاكرة الوطن، فخُلد في ضمير شعبه، فالمثقف والفنان له دور من خلال رؤاه الفنية والإبداعية، فمرة يفصح اللون عن لوحة فنية غاية في الإبداع، ومرة تتفجر الرؤيا البصرية لدى الفنان عن فلم سينمائي يوثق الذاكرة بنمظور جمالي، كما نشاهده في بعض الأعمال السينمائية والدراما التلفزيونية، وثالث يطوع الحديد والبرونز والصخور ليكرس الماضي من خلال نحت تذكاري يحتل مكاناً في وجدان الشعوب، فذاكرة وطننا مليئة بالأحداث والإنجازات والوقائع، لكنها نُسيت أو كادت تُنسى، لابد للمثقف الوطني الواعي أن يكون له دور في أرشيف هذه الأحداث والوقائع والإنجازات وتوثيقها، يجب أن تكون ذاكرة المثقف الوطني لدينا نشطة وحية لكي يقدم للأجيال التالية درساً في الإنجازات الوطنية ترس في ذاكرتهم، ولكن السؤال المطروح أين هو المثقف الوطني من بناء الذاكرة الوطنية؟ وأين هو الفنان الوطني من بناء هذه الذاكرة الوطنية؟ وأين هو السينمائي الوطني من بناء الذاكرة الوطنية؟ ألا تستحق هذه الوقائع والأحداث والإنجازات الكثيرة والمتعددة في كافة المجالات وعلى مر العصور أن تأخذ حيزاً من إبداع المبدعين الوطنيين؟ نريد هذه الأشياء كلها أن تفجر الإبداع الوطني لديهم وأن يحولوها الى عمل درامي أو لوحة تشكيلية أو نحت تذكاري أو فيلم سينمائي أو تدخل ضمن المنهاج الدراسي لأبنائنا، سؤال أقدمه لكل مبدع وطني وأبتغي منه الجواب حتى لا تغييب ذاكرتنا الوطنية، ولكيلا نكون مهزومين ومبعثرين.