الشعب المصري في غالبيته مسلم، وقد شاهدنا وسمعنا عبر الفضائيات المعارضين والمؤيدين للرئيس مرسي وهم يرفعون الأذان ويقيمون الصلاة في جماعتين على طرفي المسافة الفاصلة بينهما،

فذهل العالم كيف يمكن للمتظاهرين الاجتماع على قرآن واحد والتوجه إلى قبلة واحدة لأداء فريضة واحدة قال عنها المصطفى صلى الله عليه وسلم بأنها عمود الدين، ثم يفترقون بعد الانتهاء منها إلى درجة تصل إلى تكفير أحدهما للآخر.. تنقسم التيارات في مصر إلى؛ تيار الوسط الدينى يمثل السواد الأعظم وهو من أنصار التغيير الحضاري، ثم يأتي في المرتبة الثانية تنظيم الإخوان المسلمين الذي يتبنى موقفا معاديا لتيار الوسط ويتحفظ على منهج التغيير الحضاري ولا يتردد قادته عن استعمال المسوغات الشرعية للإيحاء لاتباعه بانتهاج العنف للدفاع عن أهداف التنظيم، ثم يليهما في الحجم التيار السلفي الذي ركب موجة الإخوان المسلمين ثم انضم إلى تيار الوسط الديني وهو من أنصار السلمية والتغيير الحضاري المحدود ولديه الاستعداد للتصالح والتعايش مع التيارات الأخرى بما في ذلك المسيحية، إضافة إلى تيارات إسلامية أخرى وجميعها تشترك في إسلامها على موجبات التوحيد.. إن حشد الجماهير خلف القيادة لتيار ما مشروع طويل الأجل قد يستغرق سنوات.. يستطيع المتتبع لعموم الخطاب الديني في مختلف الأقطار الإسلامية رصد التحول الذي طرأ على مضمون الخطاب من الدعوة إلى التوحيد وإفشاء السلام إلى خطاب أيدولوجي لتجنيد الأتباع، والأديلجة هي: القيام بضخ مجموعة من القيم والمفاهيم والأفكار والرؤى المرتبطة بأيديولوجية معينة بعدة صور وأشكال باتجاه شخص أو مجموعة بغية جعل هذا الفرد أو المجموعة ممن يؤمن بهذه الأيديولوجية ما ينتج في النهاية عن القيام بأعمال مرتبطة بهذه الأيديولوجية.. ومن هذه الصور والأشكال استعمال الإعلام والإنترنت كمنصات يطل منها قادة التيار الأيدلوجي على الجماهير المسلمة لتسويق العنصريه بثوب ديني واستعمال التحريم كوسيلة للتصدي لرياح التغيير الحضاري التي تهب على المجتمعات الإسلامية فيراها الأتباع ضوءاً أخضر (إيحاءات) لتكفير أنصار ذلك التغيير الحضاري.. التقنية الحديثة مهدت لظهور الفاشية الدينية من مكمنها إلى السطح، وأتاحت لأصحابها الدفاع عنها، ولكن في نفس الوقت إماطة اللثام عن مخاطر الأديلجه أو (الأدلجة) على الشباب المسلم ومن علاماتها هشاشة الإدراك لديهم وسرعة استجابتهم للإيحاءات..

الخلاصة

من خصائص شبكة تويتر قياس الجماهيرية. على سبيل المثال اصطفاف الجماهير خلف حساب معين في تويتر ليس بالضرورة مؤشرا على الشفافية والمصداقية لصاحب ذلك الحساب، وإنما قد تكون نتيجة براعته في توظيف الإيحاء لتكوين اتجاهات معينة، أو بتقوية اتجاهات قديمة، أو بإثارة استجابات كامنة.. عندما نرسم صورة مقطعية لشبكة التواصل الاجتماعي في الدول المستقرة التي لم تتأثر بموجة الربيع العربي، نجد أن الحوار المحتدم على الشبكه، غالبيته إسلامي / حضاري، ولكن عندما يتحول الحوار إلى مغالبة يلجأ أحد الطرفين إلى العنف اللفظي ضد الآخر يعبر خلالها عن الكراهية وينتهى برمي المسلم الآخر بالكفر، فذلك مؤشر أنه يحمل بعض من سمات الفاشية المحظورة، ومثال على ذلك ما رأيناه عبر الفضائيات خلال مشهد الصراع المصري على الرئاسة، كيف استطاع مرشد الإخوان المسلمين أمام أنصاره من استعمال الإيحاءات في خطابه المدعم بآيات من القرآن، بعدها استجاب أتباعه إلى تلك الإيحاءات وتحول العنف الذي كان في حدود اللفظ إلى عنف مسلح ضد مسلمين آخرين، على الرغم أنه لم يشر في خطابه إلى العنف المسلح..