التقطت أذنها وشايةً ولم تنظّفها منها فاستقرّت حتى أصابها وقر؛ وقيل مرضٌ خطيرٌ ومفاجئ، تأجّل على إثره - إلى أجلٍ غير مسمّى - عقد قران ابنها على ابنة النّسوة اللائي حضرن ليعدنها في مرضها ويكفّرن لها.
كانت عيونها بيضاء، تبدو (المقدرة) عليها جليّاً، تدور بين زائراتها شذراً بنظراتٍ فاحصةٍ مستبدّة، وفمها صامتٌ لا يتحرّك وكأن شفتيها كتلةً واحدة.
استلقت كفقمةٍ مصابة بالتّخمة، يغطّي جسدها ثوب فخم من الـ(توتل) المطرّز، وخاتمٌ ضخم على إصبعها حرصت على ظهوره ليموّه (رقشانه) على الرائين تجاعيد يدها، بشرتها تلمع كجلد أفعى بفعل (اللّخوخة والدّلكة)، أطرافها برتقاليّة - تماماً - بسبب تكرار جلساتها في (الطّلح) آناء الليل وأطراف النّهار، رؤوس أصابعها مسودّة وباطن قدميها كذلك، شعرها حالك بفضل الصّبغة، وكحلها يسيل ليملأ فراغات العُمر تحت محجريها.
فاق قلبها كل هذا السّواد الذي اتّشحت به تجمّلاً؛ ذلك حينما عمدت لتحويل حياة فلذة كبدها إلى ذات اللّون ولكن بقُبح.