فاصلة:
(لا يمكن للمرء أن يكون عادلاً ما لم يكن إنسانياً)
- حكمة عالمية -
أتفق مع التحليل الغربي لوضع المرأة غير المفهوم في مجتمعنا. المرأة يعني حالة من التناقض في التعاطي مع قضاياها، وهذا ما يجعل بعض الأخبار التي تنشر عن إنجازاتها أو دخولها مجالاً جديدًا في العمل بمثابة علامة استفهام.
عندما ألقيت ورقة عمل عن صورة المرأة السعودية في الصحف البريطانية في جامعة نوتنجهام وتحدثت عن خطواتها السريعة في التطور، سألتني أستاذة جامعية من الهند قائلة: «كيف يمكن أن أقتنع أن المرأة السعودية كما تصورينها وهي لا تستطيع أن تقود سيارة ولا أن تسافر دون إذن من الرجل؟».
استطعت أن أقنعها بأن هناك حالة من الحراك الاجتماعي في مجتمعنا، وعادة تسبق أي حراك حالة من عدم الاستقرار، لكنني كنت أعرف أن التناقض الذي تعيشه المرأة السعودية هو جزء من التناقض الذي يعيشه مجتمعنا.
وكمثال فقط فقد قرأت في عدد الأحد 7-7-2013 في جريدة عكاظ أن خمس فتيات سعوديات تخرجن ضمن الدفعة الأولى من إحدى الأكاديميات المتخصصة في مجال الطيران بجدة، المرأة السعودية ستمتهن الترحيل الجوي وتحصل على رخصة معتمدة من هيئة الطيران المدني، وهو تخصص علمي دقيق في مجال الطيران، والمرحل الجوي هو الشخص المؤهل والمجاز قانونيا لترحيل الطائرات بعد دراسة المعلومات الفنية للرحلة وتجميعها وتجهيزها كافة لكابتن الطائرة قبل الإقلاع، وستحصل النساء على رخصة الترحيل الجوي رسميا لأول مرة على مستوى الخليج العربي.
الصحيفة ختمت الخبر بأن النساء سوف يعملن في بيئة منفصلة ومهيأة لمد قائد الطائرة بالمعلومات الضرورية قبل الإقلاع.
في رأيي أن الذي لا يعرف مجتمعنا يحسب أن المرأة لا تعمل في بيئة سوية مع الرجل كالمستشفيات أو بعض مؤسسات القطاع الخاص، ويحسب أن المرأة بالفعل معزولة في مجتمع بمفردها وهذا غير صحيح ولا يمكن أن يحدث في أي مجتمع إنساني.
قضيتنا الأساسية مع المرأة خوفنا من الجزء التقليدي الذي يخزنا بأن علينا حماية المرأة من الاختلاط بالرجال مع أننا ندرك أنها تختلط بالرجال في كل مكان في السوق والأماكن العامة والعمل، والاختلاط مختلف عن الخلوة.
مشكلتنا أننا لا نستطيع مواجهة فكرة أن المرأة حاضرة ولن نستطيع تغييبها عن المجتمع مهما حدث، وأن قضية أن يكون لها القرار كإنسان كامل الأهلية هي مسألة وقت خصوصًا في استنادها على دين أنصفها، مشكلتنا أننا نهرب من مواجهة أنفسنا بأن الضمير لا تبنيه قوانين المجتمع إنما تستطيع أن تهذب السلوك، وهي مرحلة وإن كانت مهمة إلا أن الأساس أن يبنى الضمير في وجدان الإنسان ليستطيع أن يعيش بسلام دون تناقض.
nahedsb@hotmail.com