|
الجزيرة - وحدة التقارير الاقتصادية:
من الأرقام الديناميكية التي لحقت بها طفرة استثنائية بالمجتمع السعودي، حجم الإنفاق الحكومي المخصص للإعانات، والذي ارتفع من مستوى 12.8 مليار ريال في عام 2007م إلى حوالي 32.8 مليار ريال في عام 2013م. البعض يرى أن هذه الإعانات ليست من الضخامة بمكان، وأنها مقارنة بإجمالي المصروفات في الموازنة لا تمثل شيئاً، فإجمالي المصروفات في عام 2012م بلغ 690 مليار ريال، أي أن نسبة الإعانات لم تتجاوز حوالي 5.0%، إلا إن هذه المقارنة ليست منطقية أو ليست عادلة، لأن حجم الإعانات دائماً يقاس بمستوى الفئات وعدد السكان المؤهل للحصول عليها، بل إن كثيراً من الدول تقيم مستوى الإعانات منسوبة إلى إجمالي عدد السكان أكثر من ذلك، فإن البعض يرى أن تقييم الإعانات ينبغي أن يرتبط بمقدار العجز المطلوب داخل الجوانب المطلوب إعانتها. بداية عدد سكان المملكة في عام 2012م بلغ حوالي 27.1 مليون نسمة، منهم حوالي 18.8 مليون نسمة من السعوديين، فالإعانات هنا من المنطقي أن توجه فقط للمواطنين، بل إن الرأي الغالب أن قياس جودتها يرتبط بعدد الأسر السعودية أكثر من ارتباطها بالأفراد. وحيث إن عدد الأسر السعودية يقدر بنحو 2.9 مليون أسرة.. ولو افترضنا أن نسبة 50% من هذه الأسر لا تحتاج إلى الدعم، إذن إجمالي دعم الأسرة الواحدة يصل في عام 2012م إلى حوالي 23.4 ألف ريال.
أما إذا رغبنا في إعطاء تقييم حقيقي لحجم هذه الإعانات، فإنه ينبغي أن تقارن بحجم وأعداد الفئات المحتاجة فعلياً، وينبغي الاسترشاد بأعداد العاطلين عن العمل الذي يمثل خير دليل على قيمة الإعانات الفعلية المطلوبة بالسوق المحلي، وهذا العدد تشير التقديرات الرسمية إلى أنه يصل إلى 11.2%، أو ما يعادل 300 ألف نسمة، إلا إننا سنفترض أنه يصل إلى 600 ألف نسمة (كما تشير بعض التقديرات). إذن حجم إعانة الفرد الواحد العاطل عن العمل تصل سنوياً إلى حوالي 54731 ريال، وتصل شهرياً إلى 4500 ريال تقريباً. هذا من واقع إحصاءات الموازنة الرسمية، أما تقديرات صندوق النقد الدولي، فتقسم الدعم والإعانات إلى قسمين، يتمثل القسم الأول في الدعم من جانب (يقدر بنحو 10.7 مليار ريال في عام 2012م).. ويتمثل القسم الثاني في المزايا الاجتماعية من جانب آخر، وهذه المزايا تنقسم إلى جزءين: مدفوعات الرعاية الاجتماعية، وبدل إعانة الباحثين عن العمل. وتصل تقديرات الصندوق لحجم مدفوعات الرعاية الاجتماعية إلى حوالي 25.8 مليار ريال في عام 2012م، في حين وصلت تقديراته لحجم بدل إعانة الباحثين عن العمل إلى حوالي 30.0 مليار ريال. وعليه، فإن إجمالي الإعانات الفعلية في الجانب الاجتماعي تصل بالمملكة إلى حوالي 66.5 مليار ريال، وهي تعادل حجم الإنفاق الحكومي في موازنات عدد من الدول العربية. واقتصادياً تنال هذه المدفوعات المباشرة (كبدل إعانة للباحثين عن عمل) أهمية كبرى في التخفيف عن عبء عدم إيجاد الوظائف المناسبة لفئات كثيرة من الشباب، حتى يتسنى إتاحة فرص وظيفية مناسبة لقدراتهم ومؤهلاتهم .. ولا تعتبر هذه المدفوعات بديل كافي عن البحث عن التوظيف لهؤلاء الشباب، بل أنها تغطي فترة أولية في حياتهم غالباً، ولكن في كافة الأوضاع لا تغني هذه المدفوعات عن مساعي هؤلاء الشباب للعمل الحر أو الالتحاق بوظائف.