انشغل العربُ والعالم وحتى الكتَّاب الصحفيين بما يجري في مصر من تغيير، ثمَّ اشتباكات دموية بين أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي ومؤيدي الإطاحة به، عمَّا يجري في سورية من جرائم إبادة جماعية وبالذات في محافظة حمص وريفها، التي كثَّف نظام بشار الأسد هجمات انتقامية ضد هذه المحافظة التي يحلو لأنصار الثورة السورية بتسميتها بعاصمة الثورة.
هجوم الجيش الأسدي الذي يقوده ضابطٌ من كوادر حزب حسن نصر الله وتشارك فيه مجموعات من الحرس الثوري الإيراني وعصابات المليشيات الطائفية العراقية، حيث تمثِّل وجود جيش بشار الأسد في الطيران الحربي وقيادة الدبابات، التي أحرقت الأخضر واليابس بقذائفها، منتهجة وفق مخطط انتقامي يُنفّذه جيش احتلال إيراني على هذه المحافظة الباسلة، التي شحت في مدنها وريفها الأغذية وقطع الماء الصالح للشُّرب عنها فضلاً عن انعدام الكهرباء والوقود، حيث تتحدَّث الأنباء المتسرّبة من داخلها عن أن المواطنين اضطروا إلى أكل الحشائش وكل ما تقع عليه أيديهم، كما أن الأوضاع الصحيَّة متردّية جدًا لانعدام الأدوية وعدم وجود مستشفيات أصلاً.
وبالرغم من أن الأمم المتحدة خصصت كميات وافرة من الأدوية والأغذية إلا أن السلطات الأسدية رفضت السماح بدخول قوافل المساعدات الغذائيَّة والأدوية. وعجز مجلس الأمن الدَّوْلي عن اتِّخاذ قرار أممي يجبر نظام بشار الأسد على فتح المناطق السورية المحتاجة لتلقي المساعدات؛ بسبب اعتراض روسيا، ليسقط مجلس الأمن الدَّوْلي في مأزق أخلاقي جديد بسبب تغليب المواقف الأيدلوجية على المواقف الإنسانيَّة.
المواقف المأسوية في محافظة حمص وريفها تستدعي تدخلاً عربيًّا دون انتظار الموقف الدَّوْلي، فكل من واشنطن وموسكو وحتى الدول الأوروبيَّة لا يَهُمَّها ما يحصل من جرائم في سورية، فالمهم لديها أن تتحقق مصالحها. وبما أن إيران التي تحتل سورية تريد تأمين وضع الأسد إن نجح الثوار في تحرير بلدهم بإنشاء دويلة طائفية تفصل شمال سورية عن جنوبها وتقيم دويلة الساحل على حساب إبادة وتشريد ملايين المواطنين من أبناء حمص وريفها والقرى الساحلية.
jaser@al-jazirah.com.sa