تشهد بلادنا الحبيبة مظاهــر لا تليق بها أبدا، سواء بمكانتها الدينية أو بوضعها الاقتصــادي ومن ذلك ظاهــرة التسول! حيث تنشط حاليا جيوب تسولية عند المساجد وإشارات المرور وعند مداخل المحلات التجارية الكبيرة والصغيرة!

ما يسيء حقا هو استئثار النساء للقيام بهذه المهمة المسترذلة أو العمد لاستخدام الأطفال سواء بحمل الرضيع على كتف المرأة مما يستدر العطف أكثر، أو يكون ذا عاهة مما يضاعف الشفقة ويستجلب الرحمة!

والحق أن الظاهرة بدأت تتضاعف، لاسيما في الصيف أو قبل دخول شهر رمضان، وهو ما يستوجب التصدي لها رسميا واجتماعيا ! برغم أن هناك بوادر وعي اجتماعي لدى الناس، حيث صار الكثير يتجاهل منح المتسولين النقود أو الرضوخ لإلحاحهم العجيب وإطلاقهم الدعوات المسترسلة التي حفظوها عن ظهر قلب!

والواقع أن الاكتفاء بتجاهلهم لا يكفي، بل لابد من القضاء على هذه الظاهرة السيئة واجتثاثها من جذورها إذا علمنا أن من يقوم بها في الغالب وافدون من جنسيات مختلفة تستغل حب الخير لدى المواطنين، والثقافة المتأصلة لدينا بعدم منع السائل وردها لمعنى شرعي بحت إذعانا للآية الكريمة (وأما السائل فلا تنهر) وهي تعني الزجر ولا تعني المنع، وقد ذهب كثير من المفسرين بأن المقصود بالسائل المذكور في الآية الكريمة المستفسر عن أمور الشرع وليس متسول المال!

وفي كل شهر نقرأ عن مخصصات بالمليارات لمستفيدي الضمان الاجتماعي كما نسمع عن جهود الجمعيات الخيرية ومنحها المال والطعام والكساء والمتطلبات المعيشية للفقراء والمحتاجين، وهو ما يدحض حجج المتسولين، ولا يبرر سلوكهم بهدر كرامتهم أمام إشارات المرور والتعرض للخطر وتعريض الناس لذلك، والأمر حينئذ يتطلب تضافر الجهود بين المواطن والحكومة بمحاربة هذه الظاهرة بالتبليغ عنها وتعيين موظفين جوالين بسيارات مخصصة لهذا الغرض للقضاء عليها، حيث تشكل بثورا في مجتمع متعاون متكافل، وحكومة حريصة على مواطنيها بحفظ كرامتهم.

وجدير بالمناقشة عدم قصر الوظائف في بيع الملابس والمستلزمات النسائية على الفتيات والشابات فقط أو طلب شهادات دراسية معينة، بل ينبغي احتواء السيدات بالعمل في هذه المحلات للقضاء على البطالة النسائية التي تمثل شريحة كبيرة بين أوساط النساء للرفع من المستوى الاقتصادي للمرأة، وبالتالي القضاء على الفقر والتسول.