|
الجزيرة - عبدالله العثمان:
قال محلل اقتصادي إن قطاع التطوير العقاري بالسوق المالية السعودية يحتوي على 8 شركات مدرجة، يبلغ رأسمالها المصدر نحو 37 بليون ريال، تُقدر قيمتها السوقية بنحو 74 بليون ريال.
وأضاف المحلل سليمان الهواوي لـ«الجزيرة»: إذا دققنا النظر بمكونات هذا القطاع لأمكننا تقسيم شركاته إلى قسمين أساسيين, أولهما شركات التأجير، وتتكون من خمس شركات مدرجة تعتمد وتحقق إيرادات عملياتها التشغيلية بشكل كبير من خلال نشاط تأجير وحداتها العقارية، وهي شركات العقارية والتعمير ومكة وطيبة وجبل عمر، التي ما زالت بمراحل ما قبل التشغيل التجاري.
والقسم الثاني، ويضم شركات التطوير العقاري، عددها ثلاث مدرجة، تعتمد وتحقق إيرادات عملياتها التشغيلية من جراء تملك الأراضي، ومن ثم تطويرها وإدارتها وتشغيلها وبيعها أو تأجيرها للغير.
وأوضح: يوجد شركتان من الشركات الثلاث لم تمارس نشاطها بعد، وهي إعمار ومدينة المعرفة، والشركة الوحيدة التي تعمل وفق هذا المفهوم هي دار الأركان التي بدأت استراتيجيتها تتجه لعمليات التأجير التقليدية بعد تعرضها للضغط الشديد من قبل مستثمريها.
ونوه بأن واقع نموذج العمل للشركات المساهمة المدرجة بقطاع التطوير العقاري بالسوق المالية السعودية يجعلها قاصرة عن ممارسة دور المطور العقاري الشامل الذي يعمل على تحقيق قيمة اقتصادية مضافة على الاقتصاد المحلي من خلال التوسع ببناء الوحدات السكنية لشرائح المجتمع كافة، خاصة ما يعرف بمشاريع البناء الاقتصادي التي توجه لسوق متوسطي ومحدودي الدخل.
وأشار الهواوي إلى أن التصنيف الأول أو القسم الأول يعتمد على نشاط تأجير عقاراتها أو تحقيق مكاسب من جراء بيع أراض تمتلكها، أما التصنيف الثاني أو القسم الثاني فيتخصص في تطوير وبناء وتشغيل مشاريع عقارية محددة داخل مناطق امتياز خاصة تخدم فئات معينة، ومحدد لمن يقيم أو يؤسس أنشطة اقتصادية بمحيطها ومنطقة امتيازاتها. وأضاف: أما الشركة الوحيدة بهذا المجال وهي دار الأركان، التي تعمل بمفهوم مطور عقاري؛ فلديها أزمات وضعف في التمويل يحد من عمليات التطوير المتكامل؛ لذا أصبحت عمليات بيع الأراضي مصدر إيرادات العمليات بنسبة تفوق 95 % من إيراداتها.
وشدَّد الهواوي على أن من أبرز التحديات التي تواجه شركات التطوير العقاري المدرجة بالسوق المالية السعودية هي العمل على إعادة صياغة انتشارها وتوسيع قاعدة نشاطها بمفهوم التطوير العقاري الشامل بمدن المملكة كافة لتحقيق قيمة اقتصادية مضافة لمساهميها، تلبي الطلب المتنامي بمشاريع إسكانية تناسب شرائح المجتمع كافة، إضافة إلى الابتعاد عن مفهوم المطور العقاري التقليدي الذي يعتمد بشكل كبير على تحقيق إيراداته من عمليات تأجير العقارات المملوكة. مؤكداً أن التحدي الأكبر أيضاً يتمثل في عبء الرسوم على الأراضي البيضاء إن تم فرضه على مخزونها الاستراتيجي من الأراضي البيضاء غير المستغلة حتى الآن.
يُذكر أن مؤشر قطاع التطوير العقاري يتكون من أسهم الشركات التي تعمل في تملك العقارات والأراضي وبنائها وتطويرها، وإقامة مبانٍ سكنية وتجارية عليها وبيعها أو تأجيرها، إضافة إلى إدارة العقارات لحسابها أو لحساب الغير وامتلاك وتطوير العقارات، وإدارتها، واستثمارها، كما تقوم هذه الشركات أيضاً بالأعمال الهندسية كافة اللازمة للإنشاء والتعمير والصيانة وأعمال الهدم والمسح الخاصة بها, كما تنشط شركات أخرى في تملك العقارات والمستشفيات والفنادق والمرافق الترفيهية، وتستثمرها بالبيع والشراء وإدارتها وتشغيلها وصيانتها، كالمقاولات المعمارية، والنشاطات الزراعية والصناعية, كما يدخل ضمن اختصاص بعض شركات القطاع إقامة المرافق والمباني التجارية والمكتبية والسكنية ومباني الخدمات واستثمارها، وإقامة المجمعات السكنية وبيعها أو تأجيرها بالنقد أو بالتقسيط، وإدارة المشاريع، وإقامة المنتزهات العامة، والمجمعات السياحية، إضافة إلى إنشاء المعارض التجارية والصناعية لغرض بيعها أو تأجيرها أو إدارتها. كما أن للمدن الصناعية نصيباً في أنشطة هذه الشركات؛ إذ تتولى شركتان تطوير العقارات والأراضي المستصلحة، والأراضي الأخرى في المناطق الاقتصادية الخاصة، بهدف تطوير البنى الأساسية، وترويج وتسويق وبيع قطع أراض بعد ذلك.
من جهته أكد المحلل المالي طارق الماضي أن تاريخ العلاقة بين العقار والأسهم علاقة عكسية، في أي موجة انتعاش لسوق الأسهم؛ إذ تتجه السيولة من العقار إلى سوق الأسهم والعكس صحيح، فأي موجة انتعاش في سوق العقار تتجه السيولة من سوق الأسهم إلى العقار؛ لذلك دائماً يوجد ارتباط دائم، بمعنى أن أي هبوط أو انهيار في سوق الأسهم يوجد انتعاشاً كلياً أو جزئياً بسوق العقار.
وأضاف الماضي بأن أداء شركات قطاع التطوير العقاري المدرجة بالسوق المالية اتسم بالثبات النسبي في معدل الربحية، إضافة إلى التوزيعات النقدية السنوية، لافتاً إلى أن ذلك يأتي بحسب طبيعة نشاط الشركات العاملة في هذا القطاع، فهي تعمل بتملك واستثمار وتطوير العقارات وتأجيرها وبيعها والتأجير للغير؛ ما يجعل المستثمرين الراغبين في الاستثمار ينظرون بشكل عام إلى مجمل ما يضخ من فرص استثمارية داخل هذا القطاع.
وأوضح أنه يوجد تأثير للقطاع العقاري في سوق الأسهم من خلال قرارات وزارة الإسكان، مشيراً إلى أن هذه القرارات في حال ساهمت في خفض أسعار العقار سوف تؤدي بشكل مباشر حسب الآلية المذكورة سابقاً إلى انتعاش بسوق الأسهم، بسبب توجه المزيد من السيولة له، نتيجة عمليات البيع في السوق العقاري والبحث عن مصادر أوعية استثمارية أخرى. لافتاً إلى أنه يظل هناك تأثير آخر لهذا القرار، لكنه بشكل إيجابي، وهو في مقدرة بعض الشركات التي تعمل في مجال التطوير العقاري في سوق الأسهم من الاستفادة من هذه القرارات والمشاريع التي سوف تطرح من الوزارة.
ومما لا شك فيه أن الزيادة السكانية في المملكة والطلب المتنامي على الإسكان بشكل خاص، إضافة إلى التركيبة السكانية الفريدة للسعوديين، دعمت السوق العقاري بالمملكة؛ إذ إن ما يقارب 60 % تقل أعمارهم عن 25 عاماً، وهم بالتالي بحاجة إلى مساكن خلال الفترة الحالية والقادمة. هذه العوامل في بداية الأمر جعلت من السوق العقاري قناة استثمارية جاذبة للمتعاملين مع مثل هذا النوع من الاستثمار.
وتُعرف السوق السعودية في الفترة الأخيرة بأنها تعيش تكهنات واسعة وسيناريوهات متضاربة عن مستقبل القطاع العقاري، وخصوصاً في ظل تصاعد الأسعار وإقرار الدولة رزمة من القرارات التاريخية، إلا أن الغموض لا يزال يسيطر على المشهد العام؛ إذ ينتظر العاملون في القطاع العقاري ما ستكشفه الأيام المقبلة، التي انتشرت فيها أنباء مختلفة عن قرب انخفاض وشيك للأسعار، نظراً إلى تجاوز الأسعار القدرة الشرائية لمعظم شرائح المجتمع في ترجمة حلمهم إلى واقع تملك المساكن.
يُذكر أن جميع هذه السيناريوهات بالتأكيد لها الأثر الكبير في حركة ونشاط شركات القطاع العقاري المدرجة بالسوق المالية السعودية الحالية أو حتى التي تنوي الدخول للسوق المالية وطرح كياناتها للمساهمة.