كنا قد طالبنا منذ سنوات بأن تسهم وزارة الداخلية، والمؤسسات والوزارات المعنية بمراقبة الأسعار وإيجاد الاقتصاد التعاوني في (الجمعيات التعاونية الأهلية)، التي تحررنا من سلطة كبار الهوامير وضعاف النفوس الميتة ضمائرهم، لكن صدمنا عندما سمعنا بأن بعضاً من رجال الأعمال، بدأ يبالغ من احتمالية ارتفاع الأسعار في السلع الغذائية الأساسية نسبة 300%..
خلال قدوم شهر رمضان وكأنهم بذلك لا يعيرون اهتماما بمؤسسات الرقابة الغذائية، وحماية المستهلك، ووزارة التجارة ويمهدون لذلك مسبقا، كي لا يصدم المواطن، ويبدو الأمر طبيعياً.
على الرغم من كون الاقتصاد السعودي يتسم بالقوة، وترغب به كافة الشركات العالمية، وتحرص كل الحرص على عدم رفع الأسعار بشكل غير طبيعي، خوفا من البحث عن بدائل أخرى، رغم أن هناك فترات خلال العام ترتفع فيها الأسعار بسبب الطلب العالمي، وتقل بسبب كثرة العرض، وفي شهر رمضان يذهب العديد من رجال الأعمال ببذل المزيد من أعمال الخير، ومع ذلك يظل هناك سؤال بحاجة إلى إجابة، كيف يستوي رفع الأسعار الجنوني مع الجانب الخيري والإنساني؟!
فإذا ما تابعت مسيرة بعض التجار، تراهم في شهر رمضان يذهبون إلى مكة، ويتكفلون بإطعام الصائمين بوجبات يومية متميزة، وتجدهم يحرصون على البقاء في مكة إلى جانب الحرم المكي خاصة في العشر الأواخر من كل رمضان، ويرعون الاحتفالات الدينية ويقدمون الجوائز، لكن كيف يستقيم ذلك؟ وهم يضحكون على الناس وعلى أنفسهم، فهل تناسوا بأن رب السموات والأرض مطلع عليهم؟!
هناك للأسف من لا يعير اهتماما لذلك، وهم يفصلون بين الحياة اليومية والحياة الآخرة، فبعضهم يتحدث عن قيامه بإطعام المساكين والصائمين، لكنه لا يتوانى عن رفع الأسعار، واستيراد مواد غذائية ومجمدات قبل أشهر وبأسعار أقل ويتم تسويقها في شهر رمضان، ولتتضاعف الأسعار لديه نسبة 200% هذا عدا عن تصريفه للمنتهي الصلاحية، وتغليف السلع بغلاف مصنعي وبتواريخ جديدة، دون خوف من الله.
هل في ذلك تضارب وازدواجية في السلوك؟ أم هي رغبة في كسب الحسنيين، كما يقال مرة باستغلال الحالة الاستهلاكية التي نعيشها خلال رمضان، ومرة بالإيحاء للناس بأن هناك أعمالاً خيرة ومسؤولية اجتماعية ودينية يقوم بها البعض، فبعض رجال الأعمال لا يجاهر في معروفه، ولا يستغل شهر رمضان الكريم، ولكن بعضهم وهم قلة يبيعون الأخضر واليابس، والسلع الغذائية المضروبة، التي لا تصلح للاستخدام البشري.
بعدما كشفت الحملات على المطاعم الكثير من المآسي، وغلاء الأسعار، نطالب أن تستمر الحملات ليس فقط على المطاعم، وإنما على جميع الأسواق، والمخازن والمجمدات، والمتاجر الكبيرة وإغلاقها، وتحرير مخالفات بحق المخالفين في مضاعفة الأسعار، وللأسف يجري ذلك في ظل غياب حقيقي لحماية المستهلك، ووزارة التجارة وهيئة الغذاء والدواء، وهيئة الفساد، وهناك من يشير إلى أن بعض القائمين تنقصهم الحصانة، وأن بعضاً منهم يقبضون ثمن صمتهم، وثمن تهاونهم الأخلاقي والقانوني.
قضايا كثيرة تحتاج إلى علاج، هناك جهد حكومي يبذل، لكن للأسف ما زال البعض يؤكد بأن الأمور خاضعة ليس لسلطان الرقابة والقانون، وإنما لسلطان العلاقات، والدفع الشهري المسبق، فهذه الظواهر تحتاج إلى معالجة حاسمة، قبل أن نصحو ذات يوم على كارثة إنسانية، أمام التهاون الكبير فيما يخص المواطن، وهل من جهة رسمية حازمة تقف أمام هذا الغلو وهذا التضخم والمبالغة في الأسعار؟ والاستغلال البشع لشهر رمضان المبارك؟!.. (فالجمعيات التعاونية الأهلية) ستقدم لنا صورة إسلامية متميزة تليق بنا وببلدنا ومجتمعنا الإسلامي.
Ahmed9674@hotmail.comمستشار مالي - عضو جمعية الاقتصاد السعودية