أمس في هذه الزاوية عنونَّا المقالة بـ «مصر تجاوزت 30 يونيو»، وفعلاً مصر شعباً ودولة تجاوزت هذا التاريخ المفصلي؛ إذ لا يمكن أن تعود مصر لما قبل هذا اليوم؛ فالجميع شاهد الملايين الذين خرجوا للمطالبة بتنحي الرئيس محمد مرسي عن الرئاسة، وملؤوا شوارع القاهرة؛ إذ احتضن ميدان التحرير الملايين منهم في أكبر تجمع جماهيري فاق ما كان يشهده في أيام ثورة 25 يناير. كما أن حشوداً أخرى تجمعت أمام قصر الاتحادية في مصر الجديدة، وكانت المرة الأولى التي تشهد هذه المنطقة تجمعاً فاق بأعداده الغفيرة ما كان قد شهده من تجمعات واعتصامات سابقة؛ فالشوارع والميادين المحيطة بالقصر امتلأت من ميدان روكسي إلى شارع الميرغني حتى عين شمس. وفي وسط القاهرة غصت الشوارع المحيطة بميدان التحرير بالجماهير، واكتظ «كوبري 6 أكتوبر» وكورنيش النيل، وكانت الجماهير تتدفق من الجيزة وشبرا لتصب كسيل جارف في ميدان التحرير.
هذه المشاركة الجماهيرية شاركت فيها جماهير وصلت إلى الملايين، كما أكدت المصادر العسكرية التي رصدت هذه التظاهرات، وهو ما يعده المراقبون إشارة مهمة تؤكِّد أن الجماهير التي كانت صامتة وعازفة عن المشاركة في التظاهرات السابقة تخلت عن صمتها، وأن ما يسمى بحزب «الكنبة» لم يعد مسترضياً كالسابق في «أحضان الكنب»، بل شارك بفعالية في التظاهرات رغم سخونة الجو وحرارة الشمس؛ لذلك فإن يوم 30 يونيو يعد مفصلياً في تاريخ مصر المعاصر، ولا بد من حدوث تغيرات وتحولات قادمة؛ إذ لا يمكن للرئيس محمد مرسي وجماعة الإخوان المسلمين أن تتجاهل ما حصل يوم الأحد الذي حتماً ستتبعه أيام أخر من الاعتصامات والتظاهرات.
وإذا كان يوم الأحد يوماً سلمياً إلى حدٍ ما؛ إذ جرت التظاهرات والاعتصامات دون مواجهات دامية كما في التظاهرات السابقة، وأن ما حصل يعد مقبولاً إذا ما قيس بحجم المشاركة، فإنه إذا ما استمر جمود موقف الرئاسة وعدم التوصل إلى توافق مع المتظاهرين، خاصة الشباب، فإن الأوضاع مرشحة للتدهور مثلما حصل فجر أمس في المقطم؛ إذ هوجم المقر الرئيس للإخوان المسلمين، وأُحرقت واجهته مع أنباء عن مقتل بعض المواطنين.
ماذا سيحصل لمصر بعد 30 يونيو؟ هذا ما لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى، ولكن من المؤكَّد أن هناك تغييراً قادماً يتوافق مع رغبة الملايين التي شاهدناها في ساحات التظاهر!!
jaser@al-jazirah.com.sa