يقول الله تعالى في محكم التنزيل مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18) سورة ق، وفي الحديث الشريف (كفى بالمرء كذباً أن يحدِّث بكل ما سمع).
ومن الحكم العربية قولهم: إذا كان الكلام من فضة فإن السكوت من ذهب ,كذلك قول الشاعر :
ولئن ندمتُ على سكوتٍ مرةً
فلقد ندمت على الكلام مرارا
وانك لترى الثرثار قد أطلق للسانه العنان - صدقاً وكذباً - يلتُ ويعجن، وقد قيل (من كثر لغطه كثر سقطه).
الثرثار شخص مزعج يمل منه مستمعوه ويهجره جلساؤه ومحبوه لأنه يطيل الشرح والتفصيل ويدّعي أن له بكل شأن من شؤون الحياة باعا طويلا، إن تحدثوا في السياسة فهو فارسها وعرّابها ، وإن ذكروا الاقتصاد فهو الخبير الاقتصادي بدون منازع، وإن صار حديثهم عن الزراعة والاستثمار فيها استعرض تجارب المزارعين وخططهم وبدأ يفندها إلى غير ذلك من أساليب الثرثرة والهذر الممل ، لا يدع مجالاً أو فرصة لأحد أن يتكلم أو أن يشارك في الطرح.
حقا إن حال الثرثار تدعو للشفقة والرأفة ما دعاني لكتابة هذه الخاطرة الشعرية عنه وعن حاله :
احترت في الثرثار, لا يتقن الحوار
عرفته مجادلاً كفارسٍ مغوار يصادر الأفكار,
يضرم فيها النار يريد فرض رأيه بالصدق والإنكار
مللت من حديثه لكثرة التكرار كأنه محطة تردد الأخبار
فإن تولى مجلساً أزعج من في الدار
لا ينثني, لا يرعوي، لا يحفظ الأسرار
وإن تولى هاتفـاً، الويل للأقمار
مشغولة خطوطها بالليل والنهار يفرق السمّار، لأنه مهذار مشتت الأفكار،لأنه ثرثار.
عافانا الله وإياكم من الثرثرة ، وأبعد عن مجالسنا كل ثرثار.