عندما نستعرض مسيرة أو سيرة الرجال الأوفياء من أبناء هذا الوطن المعطاء من خلال عطاءاتهم المتميزة التي قدموها لهذا الوطن إبان حياتهم من خلال المناصب التي تقلدوها كل في مجاله فإنك تجد نفسك ملزماً بأن تعود إلى الوراء؛ أي إلى الفترة الزمنية التي كان هؤلاء، وأعني بهم أولئك المسؤولين المثاليين، موجودين بيننا يمارسون حياتهم اليومية والعملية بكل همة وإخلاص إلى أن توفاهم الباري عزَّ وجلَّ، وهذه سنَّة الله في خلقه، والدنيا هي زائلة بلا محالة..
ومن هؤلاء الرجال الذين كانت لهم البصمة في الكثير مما تحقق لأبناء هذا الوطن هو ذلكم الفقيد الغالي معالي الدكتور غازي بن عبدالرحمن القصيبي -يرحمه الله-، ومن منا كسعوديين وخليجيين وعرب لا يعرف الدكتور غازي القصيبي، وهو الذي نذر حياته وأفناها في طاعة الله ثم في خدمة المليك والوطن والمواطن.
فقد كان يرحمه الله المسؤول الذي سخر جل وقته وجهده وفكره من أجل النهوض من خلال تقلده لعدد من الوزارات، ومنها وزارة الصناعة والكهرباء ووزارة الصحة وعمله كسفير للمملكة في مملكة البحرين الشقيقة والمملكة المتحدة.. فكم وكم لمعاليه يرحمه الله من الجهود المضيئة حيال الارتقاء بالصناعة والكهرباء في بلادنا، عندما كان وزيراً لها حتى وصلت الخدمة إلى كل مدينة ومحافظة وقرية وهجرة إبان تلك المرحلة، وقد كانت تلك الجهود المباركة لمعاليه محل إعجاب وتقدير القيادة الرشيدة والمواطنين، ومن ثم تقلد منصب وزير الصحة والذي شهدت فيه الخدمات الصحية ومرافقها في تلك الفترة نمواً مطرداً تحدث عنها القاصي والداني، وقد استوقفني موقف من مواقف المواطنة المخلصة لمعاليه -يرحمه الله- آنذاك عندما أسس خطاً ساخناً بينه وبين المواطنين لتلقي الملاحظات والشكاوى عن أي تقصير في الخدمات الصحية والقائمين عليها في أي منطقة من مناطق بلادنا ومحافظاتها ومراكزها. ثم عيّن معاليه سفيراً للمملكة في مملكة البحرين وبعدها سفيراً في المملكه المتحدة وقد ساهم معاليه -يرحمه الله- في تقوية روابط العلاقة المتينة بين المملكة وتلك الدول إلى أن صدر الأمر الملكي الكريم بتعيينه وزيراً للعمل ليرتقي بمهام وواجبات هذه الوزارة والخدمات التي تقدمها للمواطنين، وقد بذل معاليه جهوداً مباركة حيال تنفيذ برنامج سعودة العمل في الأسواق السعودية والتي كانت شغله الشاغل منذ أن تولى -يرحمه الله- مهامه كوزير للعمل، وقد تحقق على يديه ما كان يصبو إليه في ظل ما يتطلع إليه المواطن السعودي مستمداً العون والتوفيق دائماً من الباري عزَّ وجلَّ كما أن معاليه الى جانب هذه الاهتمامات والمشاغل فهو لم يغفل الجانب الإنساني تجاه الفقراء والمحتاجين.
هذا إلى جانب ما كان يتسم به يرحمه الله من تواضع ودماثة في الخلق وكان يخدم الصغير والكبير ويحرص على قضاء حوائج الناس متى ما طلب منه ذلك.. كما أن لمعاليه من الاهتمامات الأدبية والثقافية والشعرية الشيء الكثير، وله العديد من المؤلفات في هذه المجالات وغيرها..
فقد كان الدكتور غازي بن عبدالرحمن القصيبي يرحمه الله إبان حياته وزيراً مثالياً وفارساً للكلمة إلى أن رحل عن هذه الدنيا الفانية، وكل من هو فيها راحل بلا محالة وهذه سنة الله في خلقه.
ونحن إذ نستذكر بكل الفخر والاعتزاز تلك الإنجازات الرائعة العملية منها والأدبية (لأبي يارا) لنسأل الله أن يجمعنا به مع الصديقين والشهداء، وأن يكتب ما قدمه لوطنه في موازين حسناته، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
salhal-qaran@hotmail.com