النادي الاسباني المخضرم (برشلونة ) أو البرشا كما يسميه محبوه وعشاقه الذي تأسس قبل أكثر من مائة عام, ( 1899م), واشتهر ببطولاته الذهبية ومنجزاته العظيمة , كأكثر الأندية الاسبانية استحواذا على نصيب الأسد من الألقاب الكبيرة ..فهو أول ناد اسباني يفوز ببطولة الدوري عام 1928م واول ناد يفوز بستة بطولات من اصل ست محليا وخارجيا في موسم واحد , فضلا عن تفوقه وحضوره الطاغي على صعيد البطولات الأوروبية, وأمام هذه الأرقام الصعبة في معادلة تفوقه ومنجزاته البطولية بات النادي المئوي الاسباني ( برشلونة) ثاني اغنى ناد في العالم من حيث العوائد المالية والمردود الاستثماري, وتصل نسبة مبيعاته السنوية الى 398 مليون يورو, أي ما يقارب ( مليار و890 مليون ريال سعودي)..!! ففي 2010م وافقت إدارة النادي المخضرم على صفقة رعاية القميص مع شركة قطر للاستثمارات الرياضية بقيمة تصل 170 مليون يورو على مدى خمسة أعوام وهي اكبر الصفقات التاريخية في تاريخ عقود الرعاية في كرة القدم وهناك شركات أخرى ترعى النادي الكاتالوني كشركة نايك الأمريكية المزودة للتجهيزات والعدد الرياضية وشركة تصنيع السيارات الألمانية أودي ومؤسسة الهاتف المتنقل والثابت الإماراتية (اتصالات) وشركة المشروبات كوكا كولا ,علاوة على الرعاية الإعلامية المحترفة للبرشا من بعض الشركات العالمية المتخصصة..( تلفازيه وإذاعية )..» ورغم كل هذه المعطيات الاستثمارية والمكتسبات المالية والعوائد القياسية للنادي الاسباني الكبير لم (يغفل) عن نشاطه الاجتماعي أو يركل كرة جمع الأموال والعوائد الاستثمارية في خزينته من دون ان يسجل هدفا نبيلا في مرمى الأعمال الخيرية والمشروعات الإنسانية.. فإدارة برشلونة الواعية التي صنعت تفوقه (رياضيا) بمنجزاته التاريخية وألقابه الكبيرة.. وضعت نشاطه (الاجتماعي بصبغته الانسانية) ضمن أولويات العمل الرياضي.. بلياقة تكافلية ولغة تفاعلية.. فقد خصصت إدارة النادي الكاتالوني الشهير 7 % من عوائده وأرباحه الاستثمارية (سنويا), أي اكثر من 70 مليون ريال تذهب لصندوق المسئولية الاجتماعية..دعما للمشروعات الخيرية والقضايا المجتمعية التي تنبثق من الاستشعار الأخلاقي بهذا المفهوم الانساني النبيل.. من خلال التعامل الفعلي مع ما يخدم المجتمع في الجانب الخيري والاجتماعي والتطوعي, بما في ذلك الاهتمام بأحوال نجوم البرشا السابقين.. الذين أطلق عليهم لقب (المحاربينالقدامى) ودعمهم وتصحيح أوضاعهم, وبخاصة اللاعبون المحتاجون.. فأسسوا منظمة سميت بـ(رابطة محاربي برشلونة) وهي رابطة خيرية تهتم بشئون نجوم برشلونة السابقين وتشمل أيضا تنظيم مباريات خيرية على مدار السنة, وتكريم اللاعبين السابقين وخدمتهم, بالإضافة إلى المساعدات المالية التي تعطى للمحتاجين منهم لكي يضمن النادي ان هؤلاء اللاعبين يتمتعون بحياة كريمة (صحيا ومعيشيا ووظيفيا وتعليما). فضلا عن تأصيل العلاقة بين اللاعبين الحاليين والسابقين من خلال المشاركة التواصلية في احتفاليات النادي وبرامجه الاجتماعية التي تقام داخل دهاليزه أو خارجه, بالإضافة إلى توفر مكان مجهز للاعبين القدماء لمزاولة التدريب, وتأكيدا على الاهتمام الذي يجده اللاعبون السابقون في النادي الاسباني النموذجي, احتفل رئيس برشلونة (ساندرو روسيل) بعيد ميلاده مع أعضاء ولاعبي برشلونة في اشهر فندق ( فندق فيرأ) فجمع -الرئيس المثالي- قدامى لاعبي النادي, وبعد العشاء كرمهم بالميداليات العرفانية والعبارات الوفائية وأطلق عليهم في الاحتفالية العيدية لقب (محاربي برشلونة القدامى)!! فكم من محارب من لاعبي أنديتنا السابقين افنى عمره, وضحى بتعليمه, وخسر مستقبله وفرط بوظيفته من اجل ناديه.. رغم ذلك لم يجد بعد ان حاصرته أوجاع الحياة المعيشية وإرهاصاتها.. الا الجحود والنكران.. وهو يعول أسرة يبحث عما يسد رمقها.. فكم من محارب يصارع الموت وهو يعيش تحت سقف المرض وبين جدران الآهات والمعاناة, ينتظر من يقذف كرة (الوفاء) في مرماه ويصافح همومه ويلامس مشاعره ويخفف أحزانه.. وكم .. وكم .. وكم اخجلنا النموذجي رئيس برشلونة (ساندرو روسيل) بقيمه الادارية ووعيه المجتمعي وحسّه الانساني ووفائه الحضاري.. مع (نجوم برشلونة القدامى).. وهو يؤكد ان مجتمعه الرياضي الواعي.. مجتمع تكافلي.. ويكشف في ذات الوقت عن عمق أزمتنا الحقيقية.. أزمة قيم ووفاء في مجتمع نكّار يتنّكر لرموزه ونجومه وأبنائه الرياضيين الذين يعيشون بين قسوة المرض وقسوة الحياة المعيشية..!!
Twitter@kaldous1