أولادنا.. أحباؤنا.. فلذات أكبادنا.. نحبهم ونخاف عليهم ونخشى أن يصيبهم مكروه.. وقد ندعو عليهم في لحظة غضب.. لكننا نغضب من الذي يقول آمين.. الأولاد نعمة عظيمة أنعم الله بها على الوالدين.. وهم امتداد للآباء وعون لهم وهم باب للثواب والأجر وهم أيضاً سبب الرزق.. لكن للأسف الشديد قد تتحول هذه النعمة إلى ابتلاء وفتنة إذا ما حاد الأبناء عن الطريق الصحيح..
نقول هذا الكلام لنذكر الآباء والأبناء معاً بمخاطر الفراغ في فصل الصيف والعطلة المدرسية على سلوكيات وتصرفات الأبناء والتي تخلق مشاكل لا حصر لها تتسبب في أزمة للوالدين وللمنزل كله.. حتى أصبحت الشكوى من تصرفات بعض المراهقين والشباب هي السمة البارزة لأغلب الأهل خاصة بعد الانفتاح على العالم الخارجي من خلال الفضائيات ووسائل الاتصال السريع ومواقع التواصل الاجتماعي على شبكة الإنترنت جعلت بعضا من هذا الجيل متناقضاً وتصرفاته بعيدة عن مبادئ الدين وعن العادات والتقاليد.
ولهذا السبب تعد الإجازة الصيفية (كابوساً) لدى بعض الأسر.. فالأبناء لديهم طاقة يريدون تفريغها خلال هذه الفترة من العطلة المدرسية فمنهم من ينتج طريقا وأساليب مفيدة له ولمجتمعه، ومنهم من يسقط في فخ الفراغ من خلال تصرفات خاطئة وسلوكيات مرفوضة بعيدة عن الدين والتقاليد تسبب مشاكل عديدة له ولأسرته وللمجتمع أيضاً بسبب هذا الجنوح والانحراف الخلقي.
الأبناء في الصيف وفي العطلة الدراسية يخرجون كثيراً، يترددون على العديد من الأماكن والمتنزهات.. يملأون الشوارع فرادى أو جماعات زملاء وأصدقاء.. فيجب احترام الآخرين وحريتهم وتعلم كيف يكون سلوكه وتصرفه الملتزم بالدين وتقاليد مجتمعه.. وتعلم كيف يستفيد من وقت فراغه فيما يعود عليه بالنفع والفائدة.. أما بعض الآخر فيظهر الاستهتار واللامبالاة وعدم المسؤولية فيرتكب حماقات كثيرة وأخطاء عديدة تؤكد بعده عن تعاليم الدين الإسلامي الحنيف.. بعيدة عن الخلق الحميدة.. بعيدة عن الأدب والذوق والاحترام.. مما يوقعه في شر أعماله فيسبب لنفسه الوقوع تحت طائلة الحساب والقانون ويسبب لأسرته المتاعب ولمجتمعه المشاكل والأزمات، ولذلك نؤكد أن هناك أدواراً كثيرة لجهات عديدة في المجتمع للمساهمة في رعاية الأبناء وتقديم كل النصح والإرشاد لهم لكي تستقيم سلوكياتهم ويحفظون تصرفاتهم من خلال تمسكهم بتعاليم الدين واحترامهم لعادات وتقاليد المجتمع.
ومن هذا المنطلق نؤكد أن الأب (القدوة) لا بد أن يكون ضمانة أكيدة لابنه ضد السلوكيات الخاطئة والانحراف.. وكذلك الأم النموذجي الصالح هي الحارس لأبنائها وخاصة لبناتها بما تغرسه من قيم ومعاني الصلاح والاستقامة في نفوس الأبناء.. وهذا الدور هو مكمل لدور الدوائر المسؤولة عن النشء لبناء وتربية الأبناء على مقومات الشخصية الإسلامية وتعميق الإحساس بالواعظ الديني والتقوى وأعمال الخير والمحبة والاستقامة، وللتأكيد على دور الوالد في بناء شخصية ابنه وحمايته من الأخطار ما أخبرنا به الصحابي الجليل عبدالله بن مسعود عندما كان يصلي في الليل وابنه الصغير نائم فينظر إليه قائلاً: (من أجلك يا بني ويتلو وهو يبكي قوله تعالى: (وكان أبوهما صالحاً).. فإذا كان الوالد قدوة وصالحاً وعلاقته بالله قوية حفظ الله له أبناءه من الفتن والأخطاء والانحراف.. وهذا ما يسمى في علم الاجتماع بالبيئة الصالحة فإذا توفرت للأبناء أسهل كثيراً من محاولات إخراجهم من صحبة رفقاء السوء.
وإذا كان دور الأسرة مهما في حماية الأبناء والمجتمع معاً فإن دور المدرسة والمسجد والبرامج الهادفة في وسائل الإعلام، ورعاية الشباب والجمعيات دور مهم أيضاً في تحصين الأبناء أخلاقياً ودينياً من خلال البرامج التوعوية والإرشادية.. كما لا بد من آليات جديدة وأفكار متطورة لكيفية شغل أوقات الفراغ في العطلة الصيفية بما يحقق حماية للأبناء من المخاطر والخطايا ويعود عليهم بالخير والسعادة والسلامة وعلى المجتمع بالأمن والهدوء والاستقرار، وعلى الأهل أن يحثوا أبناءهم على أن يحترم أهل بيته واصحابه ليكونوا قدوة لهم، ضمن حق الأبناء على والديهم أن يربوهم تربية إيمانية على العقيدة والعبادة منذ المراحل الأولى في حياتهم وتربيتهم على محاسن الأخلاق والفضيلة فهي عامل مهم في تشكيل شخصية الفرد وسلوكه في المستقبل، كما نأمل أن يكون للأندية الرياضية ومراكز الشباب وكل الكيانات الرياضية والشبابية أن تعدد خطط وبرامج للأبناء في هذا الصيف وتسعى لجذب الشباب لقضاء أوقاتهم سواء في ممارسة الرياضة أو المشاركة في الندوات الثقافية والدينية أو برامج خدمة المجتمع وغير ذلك من الأمور المفيدة.
وكذلك للمساجد دور في جذب الأبناء لحفظ القرآن وإقامة المسابقات الدينية وتوزيع جوائز لحفظة القرآن الكريم.. وأخيراً نحن لا نريد أن نكون سوطاً على رقاب أبنائنا.. ولا نسعى للتضييق عليهم.. أو لا نريد لهم الترويح عن النفس في العطلة والإجازة.. لكن لا بد أن يتقوا الله في سلوكياتهم وتصرفاتهم وأن يلتزموا بتعاليم ديننا الحنيف وعاداتنا الجميلة وتقاليدنا العظيمة حتى يحافظوا على أنفسهم أولاً ويحافظوا على أهلهم ومجتمعهم.