إذا لم يعل صوت الحكمة، ويسود منطق العقل، ويجري حوار إقليمي، يعيد ترتيب أوراق المنطقة، ويعمل على تهدئتها، فإنّ المنطقة ستنجر إلى حرب بغيضة، لن يقتصر ضررها على الأجيال الحالية، بل ستتعداه إلى الأجيال القادمة. وقد كتبت مرة، أنّ التهييج الطائفي له آثاره الحالكة، وعواقبه الوخيمة، ونتائجه المقيتة، باعتبار أنّ توظيف الورقة الطائفية، يندرج في إطار المخطط المناهض لنهضة الأمة الإسلامية، الذي ترعاه قوى الاستعمار الجديد في المنطقة.
حزب الله اللبناني، هو أول أطراف المواجهة المقبلة في المنطقة العربية، وذلك بعد أن دخل مدينة “القصير” الإستراتيجية، المتاخمة للحدود مع لبنان، والتي قامت على أساس إثارة المسألة الطائفية، حين أتى بمعادلة سياسية معكوسة لما كان عليه من قبل، كميليشيا تحمل السلاح ضد دولة لبنان، وخارجها، واستدعاء لروح المقاومة؛ خدمة لمشروع طائفي توسعي.
إنّ اللحظة الراهنة لا تنتظر المداهنات، فالأزمة الإستراتيجية، والسياسية، والأخلاقية، التي مارسها حزب الله، ستهيئ المنطقة نحو حرب طائفي، تنذر بتدخلات إقليمية خطيرة، تتخطى أبعاد الزمان، والمكان؛ من أجل الخلاص من جحيم الحروب الأهلية، والطائفية؛ ولتكون الطائفية السياسية، هي المحور الرئيس التي تعيد صياغة سياسة المنطقة، بعد أن تشكّل حدوده لسنوات عديدة مقبلة.
ولأنّ قضية سوريا أصبحت مصيرية بالنسبة للأمة الإسلامية كلها، بسبب إقبالها على حرب طائفية، من خلال إشعال الحروب الداخلية، قد تقسم البلاد إلى أقاليم عدة؛ حتى وإن بقيت في إطار الدولة السورية كمسمّى “كونفدرالي”، كل ذلك؛ من أجل إعادة ترسيم “سايكس بيكو” جديد، قائم على أساس الموارد، والمواقع، وبما يضمن أهداف القوى الكبرى.
إنّ اشتعال حرب طائفية في سوريا، سيتمخّض عنه تبعات طائفية - أخرى - في العراق، وسيفتح النار على المكوّنات اللبنانية المنقسمة سياسياً، وطائفياً، وقد تتعداها إلى مناطق أبعد كتركيا، وحتى إيران، ودول الخليج العربي. الأمر الذي سيجر المنطقة وسيجر أطرافاً أخرى إلى الصراع، وسينتهي بقتل التعايش بين مكوّنات المجتمع الواحد. وأياً ما كان الثمن المدفوع من تلك الدول جراء الحجم الكارثي، فإنّ الثمن الذي ستدفعه الدول الكبرى، سيكون الأكثر كلفة.
drsasq@gmail.comباحث في السياسة الشرعية