ذلك الكتيب الأنيق بلونه الرسمي الحزين وعنوانه الهام الأليم..
أصدر برنامج الأمان الأسري الوطني مشكوراً “دليل الوقاية من العنف الأسري” في طبعته الثانية، والذي يحمل بين صفحاته عناوين هامة، ويُقدم نصائح إجرائية للوقاية من العنف ومواجهته للتخلص من الاستمرار من سيطرة المُعنِف بشكل يومي؛ سواء كان عنفه جسدياً أو نفسياً! هذا الدليل من الوثائق الهامة لصالح البرنامج لكي يطبق عليه ورشاً تدريبية لكثير من شرائح المجتمع بمختلف مستوياتها، وذلك لنشر الوعي لمحاربة العنف الأسري والحدّ من امتداده وتطوره.
ومن النصائح الهامة التي يقدمها الدليل ولا تستطيع أي امرأة اتخاذها ما لم تشعر بالمساندة من حولها هي “واجهي الحقيقة”! لأنها خطوة صعبة تتبعها سلسلة من المتاعب والمواجهات القوية لواقع حياة لابد من تغييره، وللأسف كثير من الزوجات لا يرغبن مواجهة الحقيقة بسبب ما يتبعها من مواقف صعبة ستتعرض لها تتطلب منها الصبر والقوة والثبات لكي تنتقل من حياة مهانة إلى حياة كريمة وآمنة، وذلك لأسباب منها نفسية فيما يتعلق بتصنيفها الشخصي فقد تكون من يستلذ بالتعذيب من الشريك المقرب لقلبها، أو لأسباب اجتماعية لخوفها من الطلاق وخسارة الأطفال، أو لأسباب اقتصادية لخوفها من الحاجة التي قد تتعرض لها والفقر الذي تعاني منه خاصة للزوجات اللاتي لا دخل ماديا ثابتا لهن! أو لأسباب شرعية لجهلها بحقوقها الشرعية وما لها وما عليها من واجبات وحقوق غائبة عن الكثير منهن! لذا فهذه النصيحة لن تأتي بثمارها ما لم تكن هناك توعية شاملة وقوية لجميع الفئات المستهدفة من هذا الدليل ألا وهن “النساء” اللاتي لن تحركهن نصائح مكتوبة وهن مكبلات من الداخل! ثم ننتقل للخطوة الأقوى وهي “اتخذي القرار” والذي تندرج تحتها النقاط التالية “ لاتصمتي - فصمتك ليس صديقك - بل هو أفضل صديق لزوجك، الإنكار طريق لا نهاية له من الألم، القرار لك” وهنا أعتبرها مرحلة الانطلاق، والخلاص لأنها ستقوم بأهم الخطوات لحماية نفسها وأطفالها لأنها ستقرر الخروج من دوامة العنف، وذلك باتخاذ هذه الخطوات:
1- الاعتراف بالمشكلة ووعيها جيداً 2- التفكير وتحديد ما هو الآتي 3- أن تقرر البقاء أو الرحيل 4- طلب المساعدة من المختصين 5- الاستمرار في الحياة! وأعتبرها الاستمرار بكرامة وأمل وطمأنينة لها ولأطفالها، لأنها لن تنقذ نفسها من حياة مُهانة، بل ستنقذ أطفالها الذين قد يدفعون حياتهم ثمناً لحياة ارتضتها لنفسها ولهم بدون رضى ورغبة منهم، وهذا ما يتسبب في ازدياد حالات الوفاة للأطفال الذين يعيشون في البيوت المُعنفة مع أمهات سلبيات وصامتات لايفكرن إلا تفكيراً سلبياً في حياتهن! ومن أجمل ما تضمنه الدليل في صفحاته ما قبل الأخيرة النصيحة التالية: “أصري على الحقوق الأساسية إذا قررت الزواج مستقبلاً” منها حق المشاركة العادلة مع الزوج في جميع القرارات والمسؤوليات المتعلقة بالعلاقة بينكما وبالأطفال والمنزل والأمور المالية، وحق التعبير عن احتياجاتك والحق في أن لا تتعرضي مطلقاً للعنف الجسدي أو الضرر النفسي من قبل الزوج، والحق في إنهاء العلاقة في حال حدوث وتكرار أي مظاهر العنف.
وفي ختام الدليل صفحة كاملة بأرقام المراكز والمؤسسات التي تقدم خدمات التدخل والحماية عند الحاجة؛ مما لا يعطي سبباً لأي امرأة تتعرض للعنف أو أطفالها، أو معلم ومعلمة، أو طبيب وأخصائية للوقوف صامتين عند اكتشاف أي حالة تتعرض للعنف مهما كان نوعه قبل أن يتطور لما هو أشد وأسوأ.
moudyahrani@ تويتر