قبل أن أدلو بدلوي عن مكتبة الحي، أقول: إنني قرأت كثيراً عن مراكز الأحياء لكنني لم أرَ (للأسف الشديد) أي إسهام أو نشاط فعلي في الحي الذي أقطن فيه منذ عشرين عاماً، على الرغم من قربه للحرم وكثافة سكانه.. ثم إنه ينبغي لكل من له صلة بالأطفال والشباب وغيرهم إنشاء مسجد ومكتبة وملعب وحديقة ومقهى في كل حي، لكي نبعدهم من أصحاب السوء والمخدرات والفراغ القاتل، وفي الوقت نفسه تمر أيام الصيف بسلام وأمان لأنها أصعب الأيام وأشدها خطراً.
أعود لصلب الموضوع هل مكتبة الحي فكرة راجحة أم قول أحد الكتاب صاحب خبرة واسعة في الكتابة الصحفية: (لا تصدقوا الذين يطالبون بإنشاء مكتبات للأحياء.. فالثابت عندي أن هؤلاء مصابون بنزوة ثقافية سرعان أن تزول) ثم يواصل مقاله ألماً وحسرة عن تجربة مر بها عندما أنشأ مكتبة في الحي الذي يقطن فيه وعن استطلاع أجراه مع بعض الشباب الذين هاجروا تلك المكتبة وكانت إجاباتهم محزنة جداً.
أريد أن أقول : إن الكاتب المخلص مثل الداعي المخلص الذي يدعو ويدعو بالتي هي أحسن ويتحمل ويصبر، لا ييأس ولا يستعجل النتائج من وراء ذلك، وشبابنا بحاجة إلى مثل هؤلاء الكتاب الذين يكتبون للوطن وهم كثرة، والشباب هم عماد الوطن بدون شك، ولا يخفى أن كاتبنا يحث الشباب دائماً على القراءة المتواصلة المفيدة، وهو يعلم علم اليقين أن الأمة الحية هي التي تقرأ وتبحث.
فإن المكتبة التي هرب منها قراؤها مثال نادر، والنادر لا حكم له.. فالأحياء ليست سواسية، والشباب ليسوا سواء.. فمنهم من يحب القراءة عشقاً، ومنهم من يكرهها كرهاً، بل يحب الراحة الأبدية.. ولا ريب أن الراحة الكاملة للجسم والروح هي في القراءة الحرة المفهومة.
الذي أتمناه في هذا المقام أن نواصل جميعاً الكتابة حول القراءة، وإحياء المكتبات في كل حي، بحيث نرى ملعب كرة وبجانبه مكتبة لكي نغذي هؤلاء الشباب بالرياضة البدنية والعقلية في آن واحد، على الرغم من المغريات التي تداهم الجميع من كل جانب.. أخيراًَ وليس آخرا أنتم الحكم حول هذا الموضوع وبالله التوفيق.
- مكة المكرمة