لقد صاغت البنوك عقودها في المملكة في كل ما مضى من الزمن, بما تحمي نفسها به, صاغت جميع البنود لصالحها, حولت التزاماتها حقوقاً لها, حولت الواجب عليها تجاه عملائها إلى حقوق جوازية لا وجوبية, تفننت في حماية جانبها فقط, تاركة لتقديرها المطلق وحدها تقدير الموقف والتصرف. ولم تشأ مؤسسة النقد العربي السعودي التدخل في عقود البنوك وصياغتها ومراجعتها والإشراف عليها, تاركة ذلك كله للسوق وحرية الأطراف.
ولأن الأطراف غير متساويي القوة, تضرر البعض, وأُحجم البعض, بل تضرر الاقتصاد.
صدرت مؤخراً أنظمة التمويل الثلاثة: نظام التمويل العقاري, ونظام التأجير التمويلي, ونظام مراقبة شركات التمويل، ولوائحها التنفيذية, كما صدر نظام الرهن العقاري، ونظام التنفيذ، وكلها أعادت تنظيم خريطة وهندسة التمويل في المملكة تحت إشراف مؤسسة النقد.
ولعلي أوجز وصف ملامحها -متى ما أُحسن تطبيقها- بأنها أنظمة حرصت على حماية المدنيين من تعسف الممولين الدائنين (بنوكاً كانوا أو شركات)، وحماية الدائنين من مماطلة المدنيين في سداد التزاماتهم.
وقد أنشأت إدارة احترافية فنية نشطة تحت مسمى (إدارة مراقبة التمويل) في مؤسسة النقد, تتولى مهام الترخيص لتأسيس شركات التمويل والإشراف عليها وعلى أنشطتها في المملكة, ولأول مرة مطلوب من جميع مقدمي خدمات التمويل عرض جميع عقودها على مؤسسة النقد لتراجعها وتوافق عليها, وأخذ موافقة المؤسسة على المنتجات المُراد تقديمها، بما يحمي السوق وأطراف التعامل, بل لعله لأول مرة تتضمن الأنظمة المشار إليها أعلاه الكثير من البنود الواجبة تضمينها في العقود حماية ً للطرفين, من ذلك فيما يخص حماية المستهلك:
- إلزام الممولين بإيضاح مقدار ربحهم, وتكاليف الأجل, وطريقة احتسابه.
- تحديد حد أعلى للرسوم وتكاليف الخدمات الإدارية.
- تنظيم حالة سداد العميل المبكر.
- تنظيم حالات إخفاق العميل في سداد التزاماته، أو انخفاض ضماناته.
- تنظيم حالات إنهاء العقد من قبل الممول والمستهلك.
- تنظيم حملات إعلان وتسويق الممولين عن منتجاتهم وتمويلهم.
- تنظيم إجراءات التعامل مع شكاوى العملاء.
وفي الجانب الآخر، جانب حماية الدائنين:
- تنظيم الرهن العقاري وتفعيله.
- اعتبار الأوراق التجارية المعطاة للممولين بصفة الضمان، سندات تنفيذية.
- توثيق العقود وتسجيلها، واعتبارها سندات تنفيذية.
- معاقبة المماطلين والمخالفين بعقوبات مالية وجزائية.
وقد تأسست لجنة قضائية خاصة للفصل في المخالفات والمنازعات التمويلية, يكون اختصاصها النظر في الدعاوى المرتبطة بهذا المجال, وقد استأجرت مؤسسة النقد مقراً لها مع اللجان القضائية الأخرى التابعة لمؤسسة النقد على طريق الملك فهد في مدينة الرياض. وبانتظار أن يُعلن عن تشكيل أعضاء اللجنة ولجنتها الاستئنافية قريباً بأمر سام كريم.
وسنتناول على حلقات قادمة تفصيل واقع الائتمان والتمويل الحالي, وبيان أثر أنظمة التمويل الحديثة عليه, في سلسلة حلقات نوضح فيها: «هل سيستفيد المواطن والتاجر من هذه الأنظمة؟ وكيف؟».
asem@asemlawyer.com- Twitter @asem7771المحامي والمستشار بلجنة المنازعات المصرفية (سابقاً)