|
الجزيرة - الرياض:
أكد مختص في مجال إدارة الثروات، أن المستثمرين الذين يخططون بعناية لكل من العائدات والمخاطر في قراراتهم الاستثمارية يتجهون إلى تحقيق أداء أفضل على المدى الطويل، منبها في هذا الصدد إلى أن التركيز فقط على العائد قد يضع المستثمرين في ورطة بحيث يمكن أن يتعرضوا لخسائر كبيرة قد لا يكونوا مستعدين لتحملها، كذلك التركيز فقط على المخاطر قد يكلف المستثمرين الفرص المشروعة والمعقولة لكسب المال وزيادة صافي ثرواتهم.
وقال: «حتى أبرع المستثمرين ربما شعروا بالضيق والامتعاض وهم يشاهدون الأزمة المالية التي حدثت مؤخرا تُبخّر ثروة محافظهم، لذا فإن كثيراً من المستثمرين -كردة فعل غير محسوبة- تحولوا إلى الاستثمارات الأكثر تحفظاً»، مشيرا إلى أن المستثمرين الذين تمسكوا بخطتهم المتوازنة وظلوا في السوق قد يكونون أكثر راحة وسعادة، فعلى الرغم من أنهم خسروا كثيراً في بداية الأزمة، إلا أنهم استفادوا من الارتفاع الذي بلغ 64? في مؤشر تداول لجميع الأسهم منذ شهر مارس 2009. في المقابل، فإن المستثمرين الذين خرجوا من سوق الأسهم واتجهوا إلى النقد أو الاستثمارات منخفضة العوائد قد غاب عن تفكيرهم تلك التوقعات بالانتعاش.
ومن المعلوم أن الأزمة المالية التي حدثت في عام 2008 سببت ركوداً وانخفاضاً دراماتيكياً في أسواق الأسهم العالمية، وارتفع مستوى البطالة في أجزاء كثيرة من العالم وعانى العديد من المستثمرين من نكسات كبيرة في مدخراتهم وصافي قيمتها، ما ولد لدى معظم المستثمرين شعورا بالخوف أو الارتباك خلال تلك الفترة.
وقال طارق لنجاوي رئيس إدارة الثروات بـ «الأهلي كابيتال»: إن كان هناك من عبرة واحدة يمكن أخذها من هذه الأزمة فمفادها أنه يجب على المستثمرين التركيز على مصالحهم المالية بحيث يستبدلون «الخوف والارتباك» بـ «الثقة والاستعداد»، مضيفاً «سواء كان ذلك مزيداً من الادخار ومراجعة منتظمة لتوزيع الأصول الخاصة بهم أو في كثير من الأحيان الاتصال مع مستشار مالي معتمد، والتي تعد طرقا تبعث على الراحة في حال تعثرت الأسواق مرة أخرى».
ولاجتياز تقلبات سوق الأسهم، يوصي لنجاوي المستثمرين بأهمية تصميم إستراتيجية لاستثماراتهم على المدى الطويل تخدم كلا من الاحتياجات ومستوى تحمل المخاطر، مع التفكير في إمكانية تقديم مساهمات شهرية منتظمة لهذه الخطة بغض النظر عن أداء السوق، ومراجعتها بشكل سنوي على الأقل، وإعادة التوازن إذا لزم الأمر على أساس ظروف السوق، مضيفا أنه بالتمسك بهذه الممارسات قد تساعد المستثمرين على الانضباط، ويعتادون الشراء بسعر منخفض والبيع بسعر مرتفع. وتابع: إحدى العبر الأخيرة المستقاة من هذا الانكماش نتيجة للأزمة المالية تتمثل بعدم التخمين خصوصاً في ظل ضغوط إدارة الاستثمارات في سوق متقلبة، فقد يمعن المستثمرين في إدارة محافظهم الاستثمارية باحتراف مع التركيز على تحمل المخاطر والأهداف الطويلة الأجل، مضيفا أن خدمات إدارة الثروات المهنية توفر للمستثمرين فوائد كثيرة مثل التنويع، والاستثمار في مختلف فئات الأصول وأنماط الاستثمارات في محفظة واحدة، منوها إلى أن الإمعان في اتخاذ هذه الخطوات بشكل جدي وحثيث تجعل المستثمر أكثر تهيؤاً واستعداداً وأقل تخوفاً وقلقاً.
وعد طارق لنجاوي مسألة التخطيط أهم خطوة تمكن الشخص أو المستثمر من السيطرة على شؤونه المالية، قائلا «تشير الأبحاث إلى أن العديد من المستثمرين في جميع أنحاء العالم كانوا - وما زالوا - يلقون اللوم على أزمات البنوك والمقرضين، لكن الحقيقة تكمن في أن المستثمر عليه تحمل المسؤولية والإعداد لما هو قادم، فالمزيد من الادخار والتحلي بالمعرفة والمزيد من الدراية المالية كل ذلك يعد الخطوة الأولى للسيطرة على شؤونه الاستثمارية». كما أكد أن جود ما يكفي من المدخرات للمساعدة في حالات الطوارئ الغير متوقعة يمكن أن تساعد في إبقاء الاستثمارات طويلة الأجل على المسار الصحيح، ناصحا الجميع بإبقاء مدخرات ما لا يقل عن ستة إلى ثمانية أشهر على الأقل مخبأة في حسابات عالية السيولة مثل صناديق سوق المال أو استخدام صناديق التقاعد الخاصة لمواجهة أي نفقات غير متوقعة يمكن أن تدفع بالبعض إلى الوراء أشهراً أو حتى سنوات - وهو أمر لا يرغب أحد وقوعه خصوصاً إذا كان على وشك التقاعد.
ويشير لنجاوي إلى أن البراعة تكمن في العثور على طريقة تشجع على الادخار بانتظام، ومن إحدى أفضل تلك الطرق هي فتح حساب ادخار باقتطاعات تلقائية، حيث أن الادخارات المنضبطة والمنتظمة مهما كانت صغيرة يمكن أن يكون لها تأثير كبير على نمط حياتك في المستقبل وبعد التقاعد. وتابع: مداخيل التقاعد التي تدفعها معظم البرامج الاجتماعية الحكومية في جميع أنحاء العالم هي عادة ما تكون أقل من الأجور ما قبل التقاعد، إضافة إلى أن العديد من هذه البرامج لا تأخذ في الحسبان موضوع التضخم، وهو ما يعني بالنسبة للكثيرين من المستثمرين تعرضهم لفجوة في التمويل في حال رغبوا في الحفاظ على نفس نمط الحياة بعد التقاعد، مبينا أن سد هذه الفجوة يكمن في الاستفادة من خطط الادخار المتوفرة في مكان العمل أو عن طريق فتح حسابات الادخار الفردية المتاحة في السوق والتي يمكن الحصول عليها بسهولة.