يبدو أن لبنان لن يستطيع أن ينأى بنفسه عن تداعيات الأزمة السورية، بكل ما تحمله تلك التداعيات من ثقل سياسي، واقتصادي، وأمني، والتي أصبحت مع الأسف بمثابة “حجر الزاوية” بالنسبة لمستقبل الوضع في لبنان، إن على المستويين السياسي، أو الأمني،
ودون وجود أفق للخروج منها. ولذا يدرك لبنان مخاطر انفلات الوضع بعد أكثر من عامين، من بقائها ناراً تحت الرماد، بعد ازدياد حدة الأزمة السورية، والتي تفاقمت، وتحوّلت إلى حرب أهلية، وعانت من امتدادات عرقية، ومذهبية، وطائفية، إضافة إلى وجود العديد من العوامل الديناميكية في الأزمة السورية، خارجة عن سيطرة لبنان.
وعندما نتحدث عن تبعات الأزمة السورية، وتداعياتها على التفاعلات الطائفية، والعرقية في المنطقة، فإن النظام السوري يريد إدخال لبنان في فوضى شاملة؛ لتخفيف الضغط الدولي، والإقليمي عنه، ما يعني: أنه قادر على إشعال حرب طائفية، وإقليمية في البلدان المجاورة، ومن ذلك على سبيل المثال: تحويل لبنان إلى ساحة للفوضى، والذي يأتي امتداداً لقواعد اللعبة السياسية القذرة، والقائمة على توظيف التنوّع الطائفي، والعرقي في لبنان؛ من أجل خلط الأوراق، والضغط على القوى الدولية، والوقوف سداً منيعاً أمام تحالفاتها السياسية، ومصالحها الإستراتيجية.
في هذه المرحلة الدقيقة، فإن المطلوب من الأطراف اللبنانية مزيد من الجهود المخلصة؛ لتحقيق حل سياسي للأزمة الحالية، وليس مزيداً من التصعيد. والعمل على نزع فتيل نزاع طائفي، وعرقي قادم إلى الأراضي اللبنانية، والذي يعتبر في واقع الأمر أشد خطورة على استقرار لبنان سياسياً، وأمنياً؛ ولأن التاريخ لا يخلو من المفاجآت، فلا فائدة حينئذ من استعراض العضلات، والتلويح براية الغالب، والمغلوب، بل لا بد من الحوار بين الطوائف اللبنانية، والأحزاب الرئيسة في ظل مشاركة واسعة من السلطة؛ لمصلحة لبنان.
drsasq@gmail.comباحث في السياسة الشرعية