يقول بشار بن برد:
يا قوم أذني لبعض الحيّ عاشقة
والأذن تعشق قبل العين أحيانا
للصوت أثر مباشر وبالغ على السامع إما إيجابا أو سلبا، فكم كان للصوت الجهوري من قادة الجيوش على مر التاريخ من أثر قوي في شحذ الهمم وإذكاء الشجاعة ودفع عجيب إلى الاقدام وقتل الخوف غير في موازين المعارك، وقد قرأنا جميعا عن خطبة طارق بن زياد في جيشه، وأثر تلك الخطبة على جنده ونتائجها المبهرة، وهكذا في كل أمر، فالصوت بالإضافة إلى البلاغة في الحديث وانتقاء المفردة والتحكم في الصوت بالعلو والانخفاض في المواطن التي تتطلب احدهما دون الآخر.
وللصوت في إلقاء الشعر كما لغيره من الأثر فإلقاؤه لسامع واحد وفي مكان مغلق طريقة تختلف عن إلقائه في مجلس يضم عددا من الناس، كما أن لإلقائه أمام جمهور عريض وفي مكان مفتوح طريقة مختلفة عنها في الحالتين، وهنا تكمن أهمية الإيصال والتوصيل وحسن أو سوء التواصل مع الحضور فقد يقتل الشاعر قصائده الجميلة بسوء إلقائه أو بخفض صوته في الوقت الذي يتطلب أن يرفعه تماماً كما يحدث لقصائد قد تكون في مستوى متوسط فيرفع الصوت الجميل أو القوي من قيمتها.
وقد انتهج بعض الشعراء الغناء لقصائده أمام الحشود من الجماهير فأطرب واقنع واستقطب الجميع بعذوبة صوته وحسن أدائه، وإذا رُزق الشاعر بالإضافة إلى ذلك إبداعا في الشعر وقدرة على الإدهاش والتصوير المذهل سلب عقول الحضور وأذهلهم، وربما شدوا الرحال من بلد إلى بلد لحضور أمسيته.
وقفة:
حديثك عذب دايم حدثيني
ولو في كل يوم أربع ثواني
على كف السعادة سمّعيني
حديث تغار منه أحلى الأغاني
fm3456@hotmail.comتويتر alimufadhi