|
دوري كلارك:
نعرف جميعاً أن أفضل الوظائف لا تُذاع في الإعلانات، وأن أكثر المناصب إثارة لديها يترقّبها عدد لامتناه من المهتمين، وما لم يوصِ بك شخصياً أحد المقربين من العمل، ستكون ملاحظتك صعبة.
ولكن بينما كنت أجري بحوثاً عن كتابي، وعنوانه «إعادة ابتكار ذاتك» Reinventing You، تعلّمت أن أهل الاختصاص الأكثر ذكاءً وحماسةً لا ينتظرون ظهور إعلان، بل يخلقون فرصاً خاصة بهم، وتكون مكافأتهم كبيرة على ذلك.
عندما تخرجت جوان تشانغ من «هارفارد» في مطلع تسعينيات القرن العشرين، انضمّت إلى شركة استشارات إدارية راقية. وتمثّلت المشكلة في أنها كانت تكره عملها هذا. وبما أنها كانت تعشق الطهي، قرّرت أن تحاول العمل في قطاع المطاعم. لكنّها لم تبحث في الإعلانات المبوبة التي تُطلب فيها المساعدة. وقالت في هذا الصدد، «أرسلت مجموعة من الرسائل إلى طهاة في المدينة لم أعرفهم، إنّما عرفت بسمعتهم الطيّبة. وكتبت قائلة: لا تدريب رسمي لدي، ولكنني أحب الطهي، ويهمني دخول عالم المطاعم، وسأقبل بأي منصب».
واتصلت بجوان في اليوم التالي الطاهية المرموقة ليديا شير من بوسطن، بعد فاجأتها جرأتها، وبسبب افتقارها إلى موظف، وعرضت أن تجري معها مقابلة. وحصلت جوان على الوظيفة، وبدأت تعمل كطاهية في أسفل الهرم. وبعد عقدين من الزمن، أصبحت من أكثر خبراء المطاعم عراقةً في بوسطن.
وكانت جوان في بداية مسيرتها المهنية عندما قررت المجازفة. ولكن استحداثها فرصة خاصّة بها، واستغلالها لما قدّموه لها كان من الأمور التي يمكن الإقدام عليها في أي مرحلة. ويتقاعس عدد كبير من كبار القادة جرّاء مخاوف من عدم الحفاظ على ماء الوجه في حال اختبروا واقعاً مغايراً. ولكن الأمر قد يستحق العناء. وقد أخبرتني سوزان ليدز، وهي عاملة مصرفية في قطاع الاستثمار، انتقلت إلى قطاع الكفاءة في مجال استعمال الطاقة، أنه عليك «أن تتقبّل أحياناً ضرورة الرجوع خطوة إلى الوراء، لتتقدم ثلاث أو أربع خطوات نحو الأمام».
ونحن نلج حقبة جديدة، يشوب الغموض فيها القوانين المرتبطة بالأعمال، إلى جانب التغيّر السريع. وما من دليل واحد يمكن اعتماده وتوقع النجاح. ويكمن الحل البديل الوحيد في التصرّف برشاقة وابتكار فرصك الخاصة، وتحقيق نجاحك الخاص.
(دوري كلارك مستشار في مجال الإستراتيجيات تعاون مع عملاء من بينهم «غوغل»، و»جامعة ييل»، و»ناشيونال بارك سرفيس». وهو مؤلف كتاب بعنوان «إعادة ابتكار ذاتك: حدد علامتك التجارية، وتصوّر مستقبلك» Reinventing You: Define Your Brand, Imagine Your Future).