قررت الولايات المتحدة الأمريكية بموجب لائحة تضم « 48 « شخصاً نشرتها إدارة -الرئيس- باراك أوباما، يوم الاثنين، الموافق : 17 يونيو، حجز « 3 « سعوديين، و « 26 « يمنياً، و»12» أفغانياً، وكويتييْن، وليبييْن، وكيني، ومغربي، وصومالي إلى أجل غير مسمى في سجن قاعدتها البحرية بخليج «غوانتانامو» جنوب كوبا، من دون تهمة، ولا محاكمة، بدعوى أن إطلاق أي منهم ينطوي على خطورة، ولكن لا يمكن توجيه اتهامات إليهم.
بعيدا عن الجدل القانوني بشأن المعتقلين في سجن غوانتانامو، والتي قوضت الشفافية للحكومة الأمريكية، باسم الحرب على الإرهاب، فقد جاءت إجابة -وزير العدل الأمريكي- إريك هولدر، شائكة حول عدم إغلاق معسكر غوانتنامو، بأن: «العمل مع المشرعين في الكونغرس الأمريكي، لا يزال قائما؛ من أجل تنفيذ هذا الأمر»، مؤكداً: «أن الحظ لم يحالفهم بعد؛ لإغلاق المعسكر، وأن بلاده في هذا الموضوع، ستراعي مصلحتها، ومصالح أصدقائها، وأن النوايا موجودة؛ لإتمام هذا القرار»، وهذه الإجابة في تقديري تعني: أنهم سيبقون في طي النسيان الغير قانوني، وذلك امتدادا لطبيعة الانتهاكات الصارخة، التي تمارس في حق المعتقلين.
رغم كل ما يقال عن سعي أمريكي ؛ لتمكين المعتقلين من محاكمات مدنية، وإغلاق المعتقل، فإن شيئا لم يتغير في هذا المكان. ولم يتحقق إعلان باراك أوباما في 16 نوفمبر 2008م، حين قطع وعدا بإغلاق المعتقل، وهو الذي يتحكم بسلوكيات المسؤولين، وبصناعة القرار في قمة الهرم السياسي. ومع كل هذه الصور السوداء، فقد ارتفعت أصوات قانونية داخل الولايات المتحدة الأمريكية، وخارجها، منددة بهذا المعتقل، ومطالبة بإغلاقه، بل إن -مديرة منظمة الدفاع عن الحقوق المدنية- هينا شامسي، قالت في الذكرى العاشرة لإنشاء غوانتانامو،: «بأن هذا المعتقل، يعكس فشلا ذريعا على المستوى القانوني، والأخلاقي، فقد مثل مختبرا للتعذيب، ومكانا للاعتقال إلى أجل غير مسمى، من دون تهمة، أو محاكمة، إنه رمز لفشل قيمنا الديمقراطية، وحان الوقت لإغلاقه».
ما يحدث داخل المعتقل، يمثل جريمة ضد الإنسانية، كونه رمزا لتجاوزات الحرب على الإرهاب، التي شنتها -إدارة الرئيس الأمريكي السابق- جورج دبليو بوش، وما رافق ذلك من عمليات تسليم استثنائي، أدارتها وكالة المخابرات الأمريكية «سي آي إيه»، لأبرياء كان سوء حظهم، أن تواجدوا في تلك اللحظة التاريخية في زمان، ومكان غير مناسبين.
سيبقى معتقل غوانتانامو مليئا بمصاعب التجربة، وألم الذكرى. بل إن صور المعتقلين حفرت بأذهان الناس بتلك الملابس البرتقالية، والأكياس السوداء التي تغطي رؤوسهم. فكان المعتقل الأكثر شهرة ؛ لسوء معاملة المعتقلين منه، دون أن توجه لهم أي تهم، أو يقدموا للمحاكمة في ظل غياب قانون دولي، ينظم اعتقالهم، -إضافة- إلى غياب منظمات لحقوق الإنسان تراقب أوضاعهم.
هل سنضيف جديدا عندما نقول: إن معتقل غوانتانامو، يمثل وصمة عار في جبين العدالة الإنسانية؟، بعد أن تحول إلى رمز؛ لانتهاك حقوق الإنسان. وأن الولايات المتحدة الأمريكية تدفع ثمنا من سمعتها الدولية، وتشويها عميقا لصورتها الذهنية، إذا استمر الوضع غير القانوني للمحتجزين في المعتقل، باعتبار أن معسكر الاعتقال غير شرعي، وتم -مع الأسف- في ظروف غير إنسانية، بل ومخالف لقواعد جنيف، وذلك استنادا إلى ما يعرف بالأمر التنفيذي الصادر في أكتوبر 2001م،، والذي يرسم قواعد التعامل مع العدو كبديل لهذه الاتفاقية، ولمخالفته -أيضا- لأنظمة السجون المعمول بها في جميع الدول الديمقراطية، بما في ذلك أنظمة السجون الأمريكية.
drsasq@gmail.comباحث في السياسة الشرعية