تعج الحياة اليومية في أوساط الناس؛ بكثير من الحوادث والوقائع؛ سارة وغير سارة، ولكن إذا اختبأ الحزن في أثواب الفرح، واختلطت دموع الحزن بدموع الفرح، فلا أقل من أن نُقوِّم هذه المواقف النفسية الحادة، وأن نحد من مساحة الحزن لصالح مساحة الفرح.
* في واحدة من رسائل النصح المعجونة بدموع الحزن، تقول السيدة (هند) وهي تتحدث عن واقعة مؤلمة، تعرّض لها ابن أخت زوج أختها: (توفى الشاب محمد.. الذي يبلغ من العمر 16 عاماً بسبب الألعاب النارية في استراحة بمناسبة حفلة نجاح للأطفال.. رحمه الله وغفر له.. انتبهوا من الألعاب النارية كفانا الله شرها.. إنها قنابل موقوتة في أيدي أطفالنا. أم المتوفى؛ هي المنسقة لحفلة النجاح، وكانت تُعد لها على مدى شهر كامل، وفي آخر لحظة قبل العشاء؛ طلبت من ولدها المحتفى به؛ أن يشعل الألعاب النارية، فانفجرت في وجهه ومات على الفور)..!
* إنا لله وإنا إليه راجعون.. هذه واحدة من مئات المآسي التي ننسجها بأيدينا لا بيد عمرو، ولا بيد أم عمرو..!
* وفي محافظة الخرمة؛ خرجت طفلة بريئة تلعب وتلهو أمام منزل أسرتها ذات مساء، لكنها ما لبثت أن تلقّت رصاصة طائشة استقرت في كتفها، فهرعت إلى دارها وهي تصرخ والدماء تسيل منها، وقدّر بعضهم أنّ الرصاصة ربما تكون قادمة من قصر أفراح مجاور، حيث يعمد الناس للبنادق والرشاشات في الإعلان عن أفراحهم في مثل هذه المناسبات، وهذه ظاهرة تتكرر في كثير من مدن ومناطق المملكة، ونعرف مدى خطورة الأمر. فكم من أبرياء لا ذنب لهم؛ فقدوا أرواحهم أو أصيبوا جراء ممارسة هذه اللعبة الخطرة بالسلاح غير الأبيض، مع أنّ الأنظمة الأمنية؛ تمنع استخدام الأسلحة النارية في مناسبات الأفراح التي يتحوّل بعضها إلى مناسبات أتراح وأحزان، يتبادل فيها الناس التعازي بدل التهاني.
* لو أردنا سرد المزيد من الأمثلة، لوجدنا الكثير مما يقال عن أفراح زفاف ونجاح وقدوم وولادة وغيرها، ما تلبث أن تتحوّل إلى أتراح، تتحوّل معها الزغاريد إلى آهات ونواحات، والدموع البيض إلى دموع سود، ونجد من المتضررين من تأتيه فكرة العقل والتبصُّر بعد سكرة الاغتباط والابتهاج.
* من الأمثلة الصارخة على ما تقدم، هدايانا القاتلة لأبنائنا إذا نجح أحدهم في مرحلة دراسية، أو فاز في جولة سباقية. لا يمر يوم؛ إلاّ وهناك طفل أو مراهق لم يبلغ رشده بكل تأكيد، قضى نحبه بين هيكل سيارة مهداة له من أبيه أو أسرته فرحاً به وتشجيعاً له..! أي فرح وأي تشجيع يودي بحياة فلذة كبد، ثم يصبح ترحاً وغصة في حلوق الآباء والأمهات والأهل أجمعين..؟!
* هناك كثير من المخاطر تحيط بنا، وهي من صُنع أيدينا. وتهدد أطفالنا وأسرنا، ونحن عنها غافلون أو متغافلون غير مبالين. من هذه المخاطر؛ ما هو عليه بعض ألعاب الأطفال في المنتجعات والمدن الترفيهية والحدائق.. إنها متهالكة، أو هي بمواصفات بئيسة تعيسة، دخلها الغش، وغُضّ عنها الطرف من عين فاسدة، فتحوّلت إلى فخاخ لصغار السن.. متى ننتبه لهذه، وتكون عيوننا على أطفالنا في كل مكان..؟!
* ومن أخطر هذه المخاطر، الألعاب النارية التي تصل إلى أيدي الأطفال والمراهقين وصغار السن؛ من مخازن تجارها ومهربيها، رغم أنها ممنوعة ومحظورة. ثم أضف إلى ذلك؛ رداءة الصناعة التي تجعل منها قنابل موقوتة - كما ذكرت صاحبة الرسالة أعلاه. أيام ويحل علينا شهر رمضان، ومن بعده عيد الفطر المبارك، الذي يمثل قمة الفرح عند أسرنا وأطفالهم.. انتظروا لتروا بأمهات أعينكم، كيف تباع هذه القنابل على الأرصفة على عينك يا تاجر..! وكيف تنطلق الصواريخ الورقية المشتعلة من فوق رءوسكم في منازلكم، من أقرب منزل لكم، وكيف يصرخ أطفالكم يريدون مثل هذه اللعبة القنبلة..!
* لا بد أن نملك أداة ردع قوية في مواجهة جشع وبشع تجار الموت، الذين يثرون من ألعاب نارية صينية الصنع مهربة، ومن ألعاب أطفال للحدائق مجمعة ومربّطة بطرق بدائية في مخازن بعيدة عن الأعين، ومن رصاص حي، وبارود ناري؛ يخرج في الأفراح والليالي الملاح مع الأعراس في المدن والقرى.
* الآلية الأمنية مطلوبة بقوة في هذه الحالة، وكذلك آلية الرقابة البلدية، إضافة إلى آلية الإعلام المقروء والمرئي والمسموع، وآلية الوعي العام لدى جميع الناس، بما قد تشكله هذه الأدوات الفرحية؛ من نهايات ترحية، ونتائج لا تحمد عقباها.
* كم عدد ضحايا هذه الألعاب النارية؛ من قتلى ومصابين من صغار السن وكبارهم..؟! هل من جهة تملك إحصائية ولو تقريبية..؟ حتى نعرف حجم الضرر، ومبلغ الخطر.
* أحيي إمارة الرياض وأمانتها، فقد قرأت قبل بعض الوقت، أنها أغلقت عشرات المحلات التي تبيع أو تقدم خدمة ألعاب غير آمنة للأطفال.
* حياة أطفالنا وأبنائنا أمانة في أعناقنا، يجب أن نحافظ عليها، فلا نجعلها سلعة للمتاجرين والمثرين باسم الأفراح المزيفة والكاذبة.
H.salmi@al-jazirah.com.saassahmhm@gmail.com