تعرض القناة الأولى من ضمن برامجها برنامج (الزمن الجميل) ويقدمه عادة بعض الفنانين والمذيعين من الرعيل الأول إبان افتتاح محطة التلفزيون السعودي الوحيدة آنذاك..

ولعل أجمل ما أراه في هذا البرنامج الذي يعبق بالتاريخ والأصالة وأحرص على مشاهدته، هو أناشيد أطفال المدينة التي تحمل البراءة والمهارة في الأداء، ناهيك عن الكلمات المعبرة واللحن الشجي وإتقان الأداء.

وما يؤسف له حقاً انقطاع هذا اللون من البرامج الخاصة بالأطفال والتي تحمل التوجيه والتوعية غير المباشرة، والبراءة المتناهية. وأذكر أنّ أنشودة (ذاكر دروسك) كانت تستحثني فعلاً بل كانت محفزاً لي في المذاكرة والتنافس على المركز الأول حيث تقول الكلمات :

ذاكر دروسك أول بأول تنجح وتصير الأول

فرغم بساطة الكلمات إلا أنني كنت أعيدها مراراً وتكراراً، أليس الزمن الجميل ؟! ولو كان في هذا العصر لقوبلت الأنشودة بالسخرية والاستهزاء وحفلت بالتعليقات المتهكمة !! وليست هذه الأنشودة فحسب بل إن هناك أناشيد هادفة تنبه لخطورة السرعة في قيادة السيارة موجهة للأب حينما كان هو السائق الوحيد فقط!!

والحق أن القناة الأولى قبل ثورة الفضائيات كانت منبراً إعلامياً يحمل الفضيلة والطهر والأمانة فيما تقدمه للمشاهدين، مقارنة بما تبثه حالياً القنوات المختلفة من إسفاف أخلاقي بكل ما تحمله الكلمة من معنى! خاصة ما يطلق عليها مجازاً (قنوات الأسرة) سواء ما تتضمّنه برامجها الغنائية الهابطة، أو ما يسيء للمرأة على وجه الخصوص حينما تتحول لسلعة! حيث تعرض القناة على مدى ساعة كاملة أسبوعياً حلقة حول تحويل المرأة من إنسان إلى لوحة تشكيلية مغرية!! فضلاً عن برامج رياضية تهدر كرامة الإنسان عبر مسابقات القمار المتواصلة!!

وكل ذلك يهون - قهراً - أمام قنوات ( الدعارة ) التي تعرض بشريط الشاشة السفلي أرقام هواتف أشخاص يطلبون (مجازاً) نساء للزواج دون شروط!! وهي قنوات هدفها الكسب المادي فقط، والمصيبة أنها تبث من بلادنا وعلى مرأى ومسمع أصحاب الشأن.

وحينما أطلقت القناة الأولى على برنامجها (الزمن الجميل)، فهو بلا شك زمن نظيف يحفظ شرف المرأة ويبقي كرامة الرجل ويجمع الأسرة على جهاز بحجم صغير، وبشاشة متواضعة بلا مواصفات قياسية.

ولا يعني ذلك محاربة التقنية والأجهزة الحضارية التي سهلت للمرء الحصول على الخبر والمعلومة بأسرع وقت وأقل جهد، ولكن يشترط الحفاظ على نسق المجتمع ونمط الأسرة الشرقي الذي يحمل النقاء والطهر والكرامة!