انتخب الأسبوع الماضي حسن روحاني (64 عاماً) رئيساً جديداً لإيران خلفاً لأحمدي نجاد، وروحاني من مواليد 1948 م، وقد ولد في مدينة “سرخة” بمحافظة سمنان، وتلقى تعليمه الديني في الحوزة بالمحافظة في عام 1960م، ثم انتقل إلى مدينة قم، كما حصل
على عدة شهادات في مجال الحقوق وشهادة دكتوراة في القانون من جامعة بأسكوتلندا، وهو يجيد الإنجليزية والألمانية والفرنسية والروسية والعربية، كما التحق بصفوف الجيش الإيراني وعمل قائداً لقوة الدفاع الجوي، وعمل مستشاراً للأمن القومي لمدة 13 عاماً قبل تولي نجاد الرئاسة، كما ترأس المباحثات النووية في الفترة من 2003م إلى 2005م، وذلك خلال فترة رئاسة خاتمي، وهو رجل دين يحمل صفة (حجة الإسلام) وعلى الرغم من أنه شغل عدداً من المناصب البرلمانية والتي تضمنت منصب نائب رئيس البرلمان وممثلاً لآية الله خامئني في المجلس الأعلى للأمن القومي إلا أنه لم يكن من المفضلين لدى خامئني مقارنة بغيره من المرشحين المتشددين، ومع ذلك فقد حصل على أكثر من 50% من نسبة التصويت الكلي في البلاد وأصبح رئيسا لها.
خلال فترة الانتخابات حرص الإعلام الدولي أن يصف حسن روحاني برجل الدين المعتدل، وآخرون وصفوه بالإصلاحي، والبعض أطلق عليه لقب المرشح المعتدل المحافظ وآخرون رأوا فيه المرونة والبعد عن التشدد خصوصاً وأن برنامجه الذي أعلن عنه قبل انتخابه كان يركز على أنه لا يريد الدخول في نزاع وتوتر مع العالم، مشيراً إلى أن حكومته هي حكومة التدبير والأمل، وهي حكومة السلام والمصالحة، كما أنها حكومة تدعو إلى التعاطي مع دول العالم، بل إنه أكد في تصريحات له بأنه يعتزم تحويل الخصومة التي تفاقمت في الفترة الأخيرة بين إيران والسعودية إلى احترام وتعاون، ومع كل هذه التصريحات التي تدعو للتفاؤل فنحن ندرك تماماً أن إيران لا يحكمها الرئيس بل يحكمها مرشد أعلى يدعمه حرس ثوري، والبعض يذهب إلى ماهو أبعد من هذا ليشير أن نتائج الانتخابات المعلنة يتم اإعتمادها مسبقاً من المرشد الأعلى الذي يوافق على الرئيس المرشح قبل إعلان النتائج النهائية للجمهور.
من فرح بفوز روحاني عليه أن لايتوقع بأنه سيقترب فضلاً عن أن يتجاوز خطوطاً حمراء تضعها سياسة المرشد في إيران فلا أعتقد أن احتلال إيران للجزر الإماراتية سينتهي على يديه، ولا أعتقد أن سياسة إيران تجاه ما يحدث اليوم على الأراضي السورية سيتغير بمقدمه، وفي تصريحاته الأخيرة بهذا الشأن أكبر دليل، ولا أعتقد أن التدخل في شؤون الدول الأخرى بشكل عام ودول الخليج بشكل خاص فضلا عن توقف شبكات التجسس المنتشرة في دول الجوار أو تدخلها في سياسة العراق أو دعم حزب الشيطان في لبنان سيتوقف، ولا أظن أن تشجيع ودعم المد الشيعي في دول العالم الإسلامي سينحسر، فجميع ما سبق في ظني يعد من الثوابت التي لا يمكن لأي رئيس منتم لأي تيار من التيارات أن يقترب منها، فضلاً عن أن يعمل على تغييرها.
إن ما يحدث في إيران هو أشبه بما يحدث في بعض الدول الأخرى التي مهما تعاقبت على حكومتها أحزاب وأطياف فكرية مختلفة فتبقى السياسة الخارجية والمواقف الدولية بيد سلطة أكبر بكثير من سلطة الرئيس المنتخب، ومرتبطة مباشرة بشخصية أعلى من شخصية الرئيس، وكل ما تم التبشير به من قبل الإعلام الدولي وتضمن إطلاق ألقاب حسنة ومواقف اعتدال للرئيس الجديد، فلا أعتقد أنها ستتجاوز على الصعيد الخارجي إطار استخدام مصطلحات أقل شدة والعمل على خفض حرارة بعض الملفات الساخنة لكسب المزيد من الوقت في سبيل تنفيذ الأهداف العليا، مع الحرص على التركيز على السياسة الداخلية للبلاد، وفي مقدمتها محاصرة الثورات والمظاهرات ووضع الحلول للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية الموجودة، أما القضايا الدولية فهي مرتبطة بالنظام والذي يحكمه المرشد الأعلى.
الخلاصة: إن تعاقب الرؤساء على إيران لن يحدث جديداً في مواقفها، فإن لم يتغير الأساس وهو نظام المرشد الأعلى فلن تتغير إيران ولو تعاقب عليها عشرات الرؤساء.