أمضيت وقتاً ممتعاً في قراءة أجزاء من كتاب «إطلالة على التراث» الذي تكرم بإهدائها مشكوراً الأستاذ الدكتور عبدالعزيز عبدالله الخويطر. ولقد راقني القصص والنوادر الطريفة التي عرضها بأسلوبه الشيق، وأجدني مأخوذاً بجمال العرض والفكرة وحيويتها واهتمامه بالأصالة والموضوعية، وهذه القصص وما تحمله في طياتها من أبعاد مضامين تحقق غايات تربوية واجتماعية ذات نكهة خاصة مفعمة بالتاريخ والذكريات والتوابل والمذاقات الوطنية، ففيها تصوير دقيق مما سجله التاريخ وروته كتب التراث. وأن هذه القصص الطريفة والصور الجميلة تثير في النفس عوامل ينبغي الوعي بها كما توحي بتجارب ذات دلالات علمية واجتماعية، فهو سجل من التاريخ ودروس في التربية.

وفي تاريخنا الماضي أمثلة رائعة من البطولة والشهامة ونماذج حية تمثل الأخلاق في أسمى معانيها والعزة في أجمل صورها.

وما أجمل أن يقرأ الشباب ذلك ليتعمق ويتعرف على تراثه وتاريخه ليستخلص منه العبرة والعظة ويتعلم كيف كانت حياة أسلافه واستكناه آفاقها، وفي هذه الإطلالة على التراث فوائد شتى تجسد بناءً ثقافياً راسخاً يستمد أصوله من التراث الإسلامي الخالد، ومن التقاليد الأصيلة الراسخة التي جذبت المؤلف واستهوته فوقف عندها متأملاً متدبراً فيما جاء فيها، فجاءت المواضيع مجسمة لجوانب متعددة من الحياة مما نحتاج أن نستفيد منه في حياتنا الحاضرة. وفي هذه الكتب قصص مفعمة بالعبر والدروس التي يتوق إليها الكثيرون، حافلة بمكارم الأخلاق، غنية بالشهامة والمروءة والذكاء والنوادر والطرائف مما يزخر به التراث الفكري الإسلامي. وهذه الإطلالة على التراث دعوة عملية إلى معرفة تاريخنا الكبير وتراثنا المجيد وكفاح الآباء والأجداد، وصبرهم وخشونتهم، يمشون مئات الأكيال على أقدامهم في شدة الغيظ وزمهرير الشتاء، وكان قوتهم كفافاً، ومع ذلك كانوا ذوي صبر وجلد وبسالة وصرامة وقوة.

ومرحباً بمثل هذه الكتب التي تطل على التراث الذي ينبغي أن نعتني في شأنه ونهتم ونحفز الناشئة على سماعه وتذوقه وانتقاء جيده، ليكون لهم فيه قدوة وأسوة، فهو يجسد مجد أمتنا وسؤددها، وما زال الكثير منه مهجوراً ومطموراً يحتاج إلى الإخراج في حلة زاهية وبيان رصين.