إن مسرحية انتخاب روحاني رئيساً لإيران أثارت موجة من التفاؤل الساذج لدى الكثيرين؛ أما أنا فإنني أشبهها بالحمل الكاذب للأسباب التالية:
أولاً: إن النظام والدستور الذي أسسه ووضعه الخميني لا يسمح بأي تعددية فكرية أو سياسية حقيقية فالسلطة الكاملة الفعلية والكلمة الفصل في كل شيء ديني أو سياسي أو حتى اجتماعي هي بيد المرشد الأعلى وحده لا يشاركه فيها أحد،
وكل من يخالفه أو حتى يحاول مخالفته هو عدو للثورة وعدو لله وربع الشعب الإيراني السني تحت هذا الدستور محروم حتى من حقوقه الدينية.
ثانياً: إن روحاني لم يفز بالإنتخابات بطريقة شفافة بل إن المرشد ونظام الملالي اختاره للرئاسة حيث إنه من أبناء هذا النظام المخلصين (إن مشهد المرشد وهو يدلي بصوته بهذه الإنتخابات يذكرني بمشهد إدلاء الأسد بصوته في مهزلة الإنتخابات السورية) حيث إن الدستور الإيراني بكل آلياته مصمم لإحكام قبضة الملالي على جميع نواحي الحياة في إيران، وفي مقدمتها آليات الترشح للإنتخابات الرئاسية؛ حيث يعرض على الشعب من يجتاز فلتر آليات الترشح.
ثالثاً: إن العبرة بالأفعال لا بالأقوال وروحاني بهذا الخصوص ليس إلا الوجه الآخر لنفس العملة (هل نسيتم قوله إن الضفة الغربية للخليج العربي فارسية وستعود فارسية).
رابعا: لو كان المرشد جاداً في عمل انتخابات نزيهة لكان سمح لمير حسين موسوي وكروبي بخوض هذه الانتخابات ولما كان استبعد الكثير من رموز الإصلاح من خوض هذه الانتخابات، ولو كان جاداً أيضا لما زور إنتخابات 2009 والتي أدت إلى انتفاضة الشعب الإيراني، وبالتالي تم قمع الانتفاضة بوحشية مفرطة تحت ذريعة العداء للثورة وسجن أو فرض الإقامة الجبرية على رموز الإصلاح منذ سنوات.
خامساً: لا يملك روحاني إلا مساحة صغيرة جداً للمناورة سمح له بها المرشد كما هو الحال مع من سبقوه من الرؤساء وحتى هذه المساحة الهامشية التجميلية للنظام هي تحت رقابة صارمة من المرشد وأجهزته القمعية، ولكن الصراع الذي يبدو سياسياً في إيران هو في هذه المساحة الصغيرة جداً. فعن أي ديممقراطية وحرية وإنتخابات يتحدثون؟!.
سادسا: إن تعيين روحاني رئيساً من خلال هذه الانتخابات الهزلية لم يكن ليكون لولا شعور المرشد أن الوضع داخل إيران أصبح خطيراً وقريباً من الإنفجار، وكذلك هو وضع إيران الخارجي بسبب إنكشاف سياسات وأحلام الملالي الإمبراطورية التوسعية وتبديد ثروة الشعب الإيراني على هذه المغامرات المتهورة من حلم القنبلة النووية إلى مغامرات الملالي التخريبية في المنطقة وقاصمة الظهر أتت من هذا الدعم والتورط الفاضح المباشر وعن طريق أدواته في المنطقة مثل حزب الشيطان في لبنان والعراق ومع العصابة النصيرية الحاكمة في دمشق لقتل وإبادة الشعب السوري، والتي أثارت كل الأحقاد الطائفية والعرقية ضد الفرس والتي عملوا كل جهدهم لإثارتها ويبدوا أنها سترتد عليهم، كل هذه العوامل الداخلية والخارجية حتمت على المرشد اللجوء لهذه الخديعة التي تمثلت بتعيين روحاني رئيساً لامتصاص كل هذه الزوابع نتيجة لسياسات المرشد القمعية في الداخل والخرقاء في الخارج. وما هذه الوعود التي يوزعها روحاني للداخل الإيراني والخارج الإقليمي والدولي سوى مسكنات ووعود جوفاء هو يعرف قبل غيره أنها فقط لتجميل صورة نظام الملالي الذي انكشف وتصدع، بينما كل شيء سيبقى على حاله ويستمر خداع الشعب الإيراني والدولي وبالأخص دول الخليج (وروحاني مثل غيره من الفرس لا يحمل سوى الحقد والعداء للعرب كافة). فلكل هؤلاء وبالأخص دول الخليج العربي أقول: لا تخدعوا أنفسكم فلن يتغير أي شيء على الإطلاق حيث إنه لم يتغير أي شيء قبل روحاني في عهد ما سمي وقتها رئيس إصلاحي إنفتاحي وأعني به خاتمي بل على العكس حيث أن كثيراً من الخطط التخريبية الشيطانية ضد دول الخليج والمنطقة وضعت ونفذت الكثير منها في عهده، فما يسمى بالمعتدلين ما هو في الواقع إلى الوجه الآخر لإستراتيجية الفرس الحاقدة، ويمكن تحت ستار من التقية وبعض التنازلات غير المهمة والمؤقتة خداع العرب كما خدعوهم طوال الثلاثة عقود الماضية.
الخلاصة في إيران لا صوت يعلو فوق صوت المرشد وأدواته الفاعلة في الداخل والخارج الإقليمي من الحرس الثوري وفيلق القدس.