على الرغم من انضمام المملكة العربية السعودية عام 1996م لاتفاقية حقوق الطفل والتي تنص موادها على تحقيق الحياة الكريمة للطفل وحمايته من العنف والاستغلال والإهمال، وعلى الرغم من التدابير الأمنية والاجتماعية والصحية والتعليمية التي تحرص عليها الدولة لتوفير المتطلبات الأساسية للطفل السعودي وغيره من الأطفال الذين يعيشون على أرض الوطن بهدف توفير الحياة الآمنة والمستقرة لهم، إلا أنه ما زالت هناك فجوة كبيرة ما بين هذه الالتزامات والتدابير والإجراءات الرسمية في مجال الطفولة وما يحدث في الساحة العامة سواء على المستوى الأسري أو الاجتماعي والدليل ظهور تلك الحوادث المؤسفة التي تستغل براءة الأطفال لتسويق سلوكيات تهريجية لا داعي لها، أو للتنفيس عن مشاعر عدوانية وسلوكيات إجرامية تستحق العقاب العاجل وعدم التهاون في ذلك وخاصة عندما يكون الحدث داخل الأسرة وليس بخارجها! فالطفل إذا لم يشعر بالأمان داخل أسرته التي ينتمي لها فأين من المفترض أن يشعر به في المؤسسات الإيوائية أو في السجون مع أمهاتهم، أو في الشوارع وهم تحت تأثير الاستغلال في التسوّل أو ترويج الممنوعات؟! وإن كانت شريعتنا الإسلامية غنية عن كل اتفاقية من حيث نصوصها التي تؤكّد على تأمين الحياة الكريمة للإنسان واحترام آدميته والارتفاع به عن مصاف الإهانة والابتذال والاستغلال، إلا أن ذلك لا يعني عدم الاهتمام بالاتفاقيات الدولية الإنسانية خاصة اتفاقية حقوق الطفل لتكون مساندة للجهات القضائية والأمنية بالذات في تسليط الضوء أكثر على التفاصيل الحقوقية للفئات المستضعفة على وجه الأرض ومنهم “الأطفال” لذلك فإن مواد هذه الاتفاقية مُلزمة على كل دولة وقّعت عليها من حيث إلزامية الجهات المعنية بالأمر بتطبيق موادها من خلالها وعدم التهاون فيها، والبدء في إعلان العقوبات التأديبية لكل من تُسوّل له نفسه الاستهانة بحقوق أطفاله وإهدار كرامتهم والقيام بالتسويق الإلكتروني لها، فهذا التوجه السلوكي الخطير لأكبر شاهد على استهتارهم ولا مبالاتهم باحترام دورهم الأبوي وحماية الأمانة التي كلفهم الخالق برعايتها وحمايتها! فذلك الأب الذي علّق طفله على الجدار بشريط لاصق شديد الثبات غير آبهٍ بوضعه والقيام بتصوير المشهد وتسويقه عبر المواقع الإلكترونية لدليل على ثقته بأنه لن يطوله العقاب الذي يستحقه بحجة أنه والده وهو حر بتأديبه كغيره من الآباء الذين أدّبوا أولادهم لدرجةالتعذيب ولم يتم عقابهم بما يستحقون! وصور ذلك الطفل المُدخِن في المواقع بلا شك بأنه ضحية للإهمال والتفكك الأسري، وغيرها من المشاهد المؤسفة التي يتعرّض لها الأطفال داخل أسرهم وبدأت تطفو على المواقع الإلكترونية بكل استهتار باحترام النظام العام للدولة! وهذا لن يتوقف إلا بشن حملات تأديبية من خلال تعاون الجهات الحقوقية والأمنية في إيقاع أشد العقوبات بكل ولي أمر لا يصون الأمانة التي بين يديه مع أهمية التشهير بالعقوبات التأديبية لكي يكونوا عبرة لمن لا يعتبر ويستغل أبوته للتنفيس عن سلوكه المريض!
moudyahrani@ تويتر