كتبت في أحد مقالاتي السابقة عن الناقد الذي ظهر بين عشية وضحاها، واليوم أود الحديث عن الفنانين الذين أصبحوا مدربين بغمضة عين وانتباهتها، هذه الظاهرة التي اقتحمت بمشهدنا البصري بجميع أقسامه سواء أكان الفن التشكيلي أو التصوير الضوئي أو فن النحت، وأود أن أنوه بأنني لا أعني أحدا بعينه فهي ظاهرة ـ كما أسلفت ـ مدربين لا يملكون من قيم التدريب سوى اسمه...

... فهم يفتقرون لأبسط أسس التدريب من المعلومات والمفاهيم والقدرات الفنية وتوصيل المعلومة، فحين نأخذ مسيرتهم الفنية أو سيرهم الأكاديمية نقف بحيرة أمامها فالبعض منهم قد لا يتجاوز عمره الفني ثلاث سنوات وينعت ذاته بالمدرب وحين تتحدث معه تجده أجهل من عباءة جحا على كتفيه، فليس كل تشكيلي أو مصور أو نحات مدرباً وإن كان مبدعاً بفنه فما بالك بأنه ليس بتلك الشطحة الإبداعية حتى يلقب ذاته بالمدرب ليجعلوا حول أسمائهم بريقا من الهرطقة الإعلامية الكاذبة بمساعدة الشريك المغفل ذلك الصحفي غير المختص بالشؤون البصرية لتظهر لنا الصحف بعناوين ذات البعد المميز أن المدرب فلان أو المدربة فلانة أقامت دورة تدريبية، وحقيقة الأمر أن هذا المدرب - مع تحفظي على اللقب - يحتاج إلى تدريب بجرعات مكثفة حتى يقف على أولى عتبات التدريب وبالتالي تكون مخرجات الدورة التدريبية الذي أقامها ذلك المدعي متدنية ويقع المتدربون ضحية لفشل هذا المدعي مما أدى لتدني المستوى الفني بالمشهد البصري السعودي بصفة عامة.

وحتى نكون منصفين لهذه الظاهرة التي هي نتاج طبيعي للتخبط الحاصل لدى وزارة الثقافة والإعلام وعدم إعطاء الفنون البصرية والمشهد الثقافي بصفة عامة حقه من التأسيس كأسس ينطلق منها المبدع ودعم مادي يكون جسرا لتذليل العقبات وإعادة قولبة آلية الوزارة والمؤسسات التابعة لها بشكل يتواكب مع التسارع الفني الذي أخذه بعض الفنانين إلى آفاق ما بعد الضوء والوقوف عند المشكلات كالتي تم طرحها بسابق كلماتي لإيجاد الحلول الجذرية وليست حلول المسكنات.

ولو وضعنا هذه الإشكالية أو غيرها على طاولة الحلول وبعثرنا أوراقها أمامنا لكان بالإمكان تكليف جمعيات الاختصاص مثل جمعية التشكيليين أو جمعية التصوير الضوئي أو جمعية المسرحيين، وذلك لمنح أي فنان يرغب في الحصول على شهادة مدرب تكون تحت معايير ودورة تدريبية لا تقل عن شهر بساعات ومنهج ذي أبعاد علمية وفنية تتواكب مع كل تخصص ونكون بذلك دعمنا الطرفين سواء كان المتدرب الذي يرغب في الحصول على شهادة معترف بها كمدرب معترف به ودعمنا الجمعية المختصة برسوم يدفعها الراغب في الحصول على شهادة مدرب ويعمم ذلك على جهات الاختصاص بأن لا يقبل أي مدرب إلا بحصوله على شهادة معترف بها من قبل جمعيات الاختصاص.