على الرغم من ثقتي واستباقي لما سيحدث لمؤسسة تدعي الاهتمام بالفن قادها ثلاثة من البشر اثنان من الوطن وآخر من خارجه، وجد هذا الآخر كما أشار في بعض تصاريحه (غباء) في التشكيليين لدينا.. مع ما يمكن أن يؤوله أو يشير به متجاوزاً هذه الفئة، فاستغل (طيبتهم) الوصف (الألطف) من وصفهم (بالغباء) التي لا نقبلها بأي حال حتى لو اختلفنا معهم على أسلوب تنفيذ ما قاموا ويقومون به في مشوارهم المتعثر، دون اعتراض على الفكرة، التي اجزم انه لو قدر لها أن تكون في يد ابن الوطن.. قائداً لا مقاداً.. لوصل صوت إبداعهم التشكيلي إلى كل المسافات نحو أعين وعقول العالم.

سحروه بطبيعة قراهم وجالوا به الوطن فاكتشف ما لم يكتشفه لورانس العرب، فاستحق أن يوصف في صحفهم بلورانس التشكيليين العرب، إلا أنه سحرهم بأخذهم إلى حالة من التخيل.. رسم فيها لهم آمالا وطموحات أوصلتهم إلى العالمية فتبعوه كما يتبع الفرس الجزرة (تغيير الاسم احتراما لهم).. وجعل له منهم مصدر رزق وشهرة لم يكن يحلم بها قبل أن يتعرف عليهم.. أسقطهم في كثير من الأخطاء وعلى الرغم من ذلك تحملوا الألم طمعا في الكثير من الإعلام الغربي.

لم يكن أحدهم يعلم أن للصحراء بالقرب من بلدة (سدوس) حافة تشبه حافته أطلق عليها أمثاله نهاية العالم، لا يعرف التعامل معها إلا من جرب حياة البادية، حافة لا يرى من بأعلاها ما بأسفلها والعكس، هي حافة الهاوية التي جعلوها شعارا لخاتمتهم، تفرقوا خوفا من السقوط بعد أن ثارت عليهم أعاصير النقد، إلا أن ذلك الآخر كان أكثر ثقة وصمودا بما غنمه من علاقات صنع منها ما يحميه دون علمهم بما كان يضمره من نوايا لا يشك فيها إلا من لا يعرف أمثاله. أطلقهم في فضاء رحب معلقين بمنطاد مملوء بغاز الشهرة، لم يجيدوا قياس المسافة إلى الأرض فكان السقوط مدويا.. تفرق بعده الشمل، عاد ذلك الآخر إلى ضحايا جديدة كالذئب الذي يخطف أكثر من شاة.. يجدها متى جاع، أصبح الرفاق في حالة ضياع لا تجمعهم فكرة، ولا يقبلون أن يلم شملهم أبناء جلدتهم، اعتادوا على ما كانوا عليه من دلال وتلبية رغبات الارتقاء بحالهم أبعد من مساحة إبداعات غيرهم، ليس بالقدرات وإنما بتحقيق الأنا.

أصبح من دخل حالة الوهم كالسابح في حال من انعدام التوازن الذهني عند تشكيل الشكل الفني، استغلها الآخر فأدارهم بالريموت كنترول، دافعا بهم إلى عالم خيال الربيع العربي، فالشهرة كما يراها وأصبح من تبعه يراها هي أن تكون ضد القيم والمبادئ، وأن تخلع ثوب انتمائك دينا ووطنا.