في عالمنا العربي أوكما في العالم الثالث بشكل خاص ظاهرة لا تكاد تكون في غيره.... ألا وهي ظاهرة الأثرة والتي إذا تملكت من نفوس بعض ممن تنتهي إليهم السلطة في بلدانهم عن طريق الصدفة.... فتكون نفوسهم هي المبدأ ونفوسهم هي الغاية حتى إذا جالوا الفكر في منافع الجماعات فلا لأنهم يؤثرون لهذه الجماعات نفعاً .... او يبتغون لها خيراً... بل لأنهم إنما يطلبون من هذا السعي مراماً لأنفسهم لا لشيء آخر، وقد يكون هذا المرام في أخف صور هو إحراز المجد... أما ما يقع من خير المجموع أوما يحتمل أن يقع فليس أكثر من طريق وكيف ما كان الأمر... فإنه ما يكاد أحد هؤلاء يحس مجده ويستشعر سلطانه حتى يتداخله من الصلف المخيلة ما يملأ... اعتقاداً بأن الرأي في الأمر ليس إلا فيما يرى هو وإنما سواه لا صلاح له ولا خير منه... بل لقد يكون شراً وفساداً... وقد تشتد طغيان هذه الخلة على المرء فيرى أن الناس لا ينبغي ان ينظروا إلا بعينه ولا يسمع إلا بإذنه بل إنه لا يرى ان من العبث الضار أن يجري فكرهم بغير ما يجري به فكره وأن تنتهي آراؤهم على غير ما تنتهي إليه رأيه... رحم الله ذلك الكاتب والأديب والمفكر الرائع عبدالعزيز البشري وقد اقتبسنا شيئا من وصفه للأثرة حتى لكأنه قد عايش تلك النماذج ممن قدر لهم تبوؤ مراكز القيادة في بعض عالمنا العربي ولنتذكر معمر القذافي كمثال ذلك الذي اختزل دولة بكاملها في شخصه مثلما توجد ظاهرة الأثرة في الكثيرين حتى في القيادات الدنيا في شأن الأمة العام فلا تتعجبوا حين ما ترون ما لقيته الأمة من تخلف في بعض أقطارها إنها الأثرة والاستئثار بالسلطة.
a-n-alshalfan@hotmail.com