الجزيرة - الرياض:
قال زعماء دول مجموعة الثماني النمو الاقتصادي والوظائف بأنهما يأتيان في مقدمة أولوياتهم الاقتصادية في ظل سعيهم لمعالجة ضعف الآفاق العالمية، إذ تمثل البطالة هاجسا خاصا. ووفقا لبيان صدر أثناء عقد الزعماء يومهم الثاني من المحادثات في ايرلندا الشمالية التي بدأت الاثنين اتفق الزعماء على أن إجراءات تحفيز مطبقة في الولايات المتحدة ومنطقة اليورو واليابان قللت مخاطر تراجع النمو الاقتصادي على الرغم من أن منطقة اليورو لا تزال تشهد ركودا جراء تداعيات أزمة الديون السيادية بالمنطقة. غير أن تحسن الوضع المالي عجز عن ترجمة ذلك إلى زيادة النمو في كل المناطق. وذكر البيان أن تشجيع النمو وزيادة عدد الوظائف ذو أولوية رئيسية. واتفق المجتمعون على تعزيز التعافي العالمي عبر دعم الطلب وتأمين المالية العامة واستغلال كل مصادر النمو. وتظل مكافحة البطالة -وخصوصا البطالة على المدى الطويل وبطالة الشباب- أمرا حيويا على جدول أعمال المجموعة. وأضاف البيان أن البطالة وبطالة الشباب على وجه الخصوص لا تزال تمثل هاجسا رئيسيا. وكان وزراء العمل من أكبر أربعة اقتصادات في منطقة اليورو وهي إيطاليا وفرنسا وألمانيا وإسبانيا قد عقدوا اجتماعا الجمعة في روما لبحث سبل معالجة البطالة المتفشية في صفوف الشباب.ويعاني نحو ربع الشباب ممن هم دون سن الخامسة والعشرين من البطالة داخل الاتحاد الأوروبي، لكن المشكلة تتفاقم أكثر في الدول المطلة على البحر المتوسط، ففي إيطاليا يتخطى العدد نسبة 40% بينما يستقر العدد في إسبانيا واليونان فوق 55%.
وقال الزعماء إنهم يدعون لاتخاذ «إجراء حاسم» لمواصلة التعافي بما فيها توجيه سياسة نقدية نحو تحقيق استقرار في الأسعار محليا، وضرورة اتخاذ خطوات لتعزيز جهود إنشاء اتحاد مصرفي في منطقة اليورو. من ناحية أخرى أطلقت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مفاوضات لإبرام اتفاقية للتجارة الحرة بينهما ستكون هي الأكبر في العالم. ويبلغ حجم التجارة بين القوتين الاقتصاديتين نحو ثلاثة مليارات دولار يومياً، ومن شأن إبرام الاتفاقية تعزيز اقتصاد كل منهما بأكثر من مائة مليار دولار سنوياً، وهي فرصة جذابة لاسيما في ظل الخسائر الناتجة عن أزمة ديون منطقة اليورو.
وقال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون: هذه فرصة لا تأتي إلا مرة في كل جيل، ونحن مصممون على اقتناصها». فيما صرح الرئيس الأميركي أوباما خلال قمة مجموعة الثماني بأن الجولة الأولى من المفاوضات ستجري في واشنطن الشهر المقبل. وحذر الجانبان الأميركي والأوروبي من تخفيض سقف الطموح أو تفادي الموضوعات الصعبة لمجرد التوصل لاتفاق، وينتج عن اتفاقيات التجارة الحرة الإلغاء الكلي الفوري أو التدريجي للرسوم الجمركية على بضائع الطرفين المتعاقدين.
من جانبه وجه رئيس المفوضية الأوروبية خوسي باروسو -الذي يحضر قمة الثماني- انتقاداً مباشراً غير معهود لفرنسا بسبب ما أسماه «سلوكاً رجعياً» للأخيرة جراء دفاعها عن قطاعي الثقافة والسينما من تداعيات إقامة منطقة للتجارة الحرة مع واشنطن ،وهددت فرنسا -ثاني أكبر اقتصادات منطقة اليورو- بالاعتراض على بدء المباحثات مع واشنطن حول التجارة الحرة إذا لم توافق الدول الأعضاء في الاتحاد على استثناء قطاعي السينما والثقافة عموما من مباحثات التجارة الحرة مخافة من غزو إنتاج هوليوود، وهو ما وافقت عليه الدول الأوروبية الجمعة الماضية. وتطمح المفوضية الأوروبية والولايات المتحدة للتوصل لاتفاقية حول التجارة الحرة بحلول نهاية هذا العام، غير أنها مهلة قصيرة جداً لمحادثات تجارية دولية معقدة تستغرق في العادة سنوات عديدة، وتوقع متحدثاً باسم رئيس وزراء بريطانيا أن يستغرق الأمر ما بين 11 شهرا إلى 18 شهرا لإنهاء المفاوضات حول الاتفاقية. في ذات السياق حذرت دراسة ألمانية متخصصة من أضرار بالغة للدول النامية في حال أبرمت اتفاقية تحرير التجارة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. ولفتت إلى أن الاتفاقية المزمع التفاوض بشأنها قريبا يتوقع أن تحقق مكاسب كبيرة لطرفي الاتفاق. وأظهرت الدراسة التي نشرت نتائجها أول أمس أن الأميركيين سيكونون أكثر الرابحين من منطقة تجارة حرة مع الاتحاد الأوروبي، والتي سيتم بدء التفاوض حولها اعتبارا من صيف العام الجاري. وكانت الدراسة، التي أجراها معهد «إنفو» الألماني بتكليف من مؤسسة «بيرتلسمان» الألمانية، ذكرت أن اتفاقية تحرير التجارة ستوفر للاقتصاد الأمريكي نحو 1.1 مليون فرصة عمل جديدة، وسترفع دخل الفرد بنسبة 13.4%.وبينت الدراسة، التي حللت آثار مثل هذه الاتفاقية على 126 دولة، أن هذا سيضر بشدة بالدول التي لن تشملها الاتفاقية حيث ستقل واردات الدول الواقعة بمنطقة التجارة الحرة من الدول الأخرى.