على أثر نشر مقالي «المشروع العربي» اتصل بي كاتب خليجي يرتقي إلى مستوى المفكر السياسي وله باع في الاجتماع السياسي، ونبهني؛ إذ إن أهل الخليج العربي الذين نجحوا في إرساء منظمة إقليمية قوية هي الأفضل أداء وتحقيقاً للنتائج، «مجلس التعاون»، قد عجزوا عن التقدم أكثر في مشروعهم الواعد الذي حقق معظم متطلبات التعاون، ولم يسارعوا إلى تنفيذ مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والارتقاء بمجلس التعاون إلى اتحاد يحقق قوة ومتانة إستراتيجية وسياسية لدول الخليج العربي لمواجهة التحديات التي لم تعد خافية على أحد؛ فالتحول للاتحاد وفق توافق يأخذ في الاعتبار خصوصية بعض الدول الخليجية ويترك لها إدارة أوضاعها المحلية، فيما يختص الاتحاد المرتقب في الشؤون الدفاعية والسياسية والإستراتيجية والاقتصادية، أمر بات محتماً.
يقول أستاذنا: «إذ نلاحظ التردد والتلكؤ في بعض دول الخليج العربي التي يهددها الخطر، فكيف نطالب الدول العربية وهي التي تختلف في الكثير من الرؤى والاتجاهات؟! أليس الأجدى أن نركز على إنجاز اتحاد دول الخليج العربية ونقويه وبعد ذلك ننطلق للفضاء العربي؟!».
تساؤل في محله، والواقع أن مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز فرصة تاريخية سيندم من لم يسارع إلى تنفيذها، وإذا لم تتلقف دول الخليج العربي هذه المبادرة، فإن البعض منها سيتأثر كثيراً ولن يقتصر الخطر على التوتر والتهديد، بل الإلغاء لا سمح الله..!!
ولهذا فإن الواجب الإسراع في تحقيق هذا المشروع الخليجي، من خلال إتمام الاتحاد بين الدول الراغبة والمتحمسة له حتى وإن اقتصر الأمر على دولتين أو ثلاث، ويترك للآخرين الباب مفتوحاً حتى تحسم أمرها بعد أن تلمس ما يحققه الاتحاد من قوة ومنعة للدول الأعضاء.
نعلم أن هناك لجنة مشكلة من قادة دول الخليج العربية لدراسة المقترح، إلا أن الكلام قد خفت في الأشهر الأخيرة، ولا ندري ماذا أنجزت هذه اللجنة، وهل المقصود أن يظل المقترح يدرس بعد كل قمة خليجية ثم يتحول إلى الأدراج...!!
أهل أبناء الخليج العربي الذين يرون أن النيران تحيط بهم من كل جانب يطلبون من قادتهم التحرك السريع وتحقيق كيان إقليمي قادر على مواجهة التحديات والأخطار وأن نرى تحقيقاً لاتحاد دول الخليج العربي حتى وإن اقتصر على من يؤمنون بالاتحاد والتوحد وترك المترددين يعالجون وضعهم وضعفهم الذي يبعدهم عن أهلهم.. أهل الخليج العربي.
jaser@al-jazirah.com.sa