يضم الوطن العربي العديد من المفكرين السياسيين والاقتصاديين والإستراتجيين، وخبراء في العلوم الاجتماعية والشرعية والقانونية. وقد استفادت دول متقدمة علمياً من العديد من الكفاءات العربية العالية المستوى، فاحتضنتها واستفادت من علمها بعد أن هاجرت من أوطانها التي لم توفر لها البيئة الحاضنة لهذه الفئة النادرة. فالأقطار العربية بيئة طاردة للكفاءات، ومع هذا لا يزال الوطن العربي زاخراً بالقدرات الفكرية والعلمية التي بإمكانها أن تصوغ مشروعاً سياسياً إستراتيجياً متكاملاً، لوضع الوطن العربي في مكانه الملائم، والحفاظ على المصالح العربية، وقبل ذلك على الهوية العربية الإسلامية.
كيف يتم ذلك..؟!!
لا يحتاج الأمر إلى تنظير وطرح معجزات، كل ما في الأمر أن تتوافر الإرادة السياسية لدى القادة العرب، وإنْ تخاذل البعض فالبركة في قائد يبادر إلى دعوة المفكرين العرب في كل التخصصات، وأن يترك لهم حرية التداول وتبادل الآراء والوقت لوضع خطة طريق تعرض على أبناء الأمة العربية، وأن تُناقش هذه الخطة من خلال مؤتمر قمة عربي طارئ أو في إحدى مؤتمرات القمة العادية. وطبعاً سيستلهم المفكرون العرب التراث العربي، ويستفيدون من القدرات والموارد العربية والمكانة التي وصلت إليها بعض الدول العربية التي استطاعت أن تتحرر من أوهام السلطة والتسلط.
وبمزج الأصالة العربية بالحداثة والمعـاصرة تصهر القدرة الــعربية في مشروع عربي خالص لا يتأثر بأي إمـلاءات خارجية.
وللعـرب أدوات جاهزة وقادرة على تحقيق بنود المشروع العربي الذي يجب أول ما يجب أن يتعامل معه العرب جميعاً بنوايا خالصة، وألا ينحصر الاهتمام في المكاسب القطرية ولا في تحقيق الزعامة الشخصية، ولتكون المصلحة العربية العليا هي المستهدفة، والقيادة والزعامة للأمة ومن يخدم أمته بتجرد.
إن أبناء الأمة العربية جميعاً يتطلعون إلى من يرفع الراية ويدق الجرس ويدعو مفكري الأمة من جميع التخصصات لوضع بنود المشروع العربي دون ضجيج، وليس على طريقة مهرجانات الترويج ومنح الجوائز التي يراد بها تكريم مقدميها وليس من حصلوا عليها.
بصدق وبكل تجرد، ما لهذه المهمة التي ينتظرها كل العرب إلا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، الذي يحظى بتقدير وقبول من كل الأطياف والتيارات العربية الفكرية والسياسية.
وهي مهمة ليست بالسهلة، إلا أن المهام الصعبة لا يتصدى لها إلا الرجال أصحاب الهمة الكبيرة.
jaser@al-jazirah.com.sa