Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناTuesday 18/06/2013 Issue 14873 14873 الثلاثاء 09 شعبان 1434 العدد

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

دوليات

لم تدخل الأزمة في سوريا منعطفها الطائفي الراهن إلا لتخدم عقلية عنف وقسوة واستبداد.

ولكنها دخلت، حتى توفر للاستبداد بعض غطاء، وللتطرف المضاد بعض غطاء أيضاً.

ولم يفعل الذين ساقوا الأزمة لتكون أزمة طائفية سوى أنهم خدموا مصالح فسادهم الخاص، لا مصالح أية طائفة.

ولكنهم فعلوا حتى أتيح لعقلية العنف أن تكسب فرصة للمناورة.

فما كان أزمة سياسية وطنية حيال دكتاتورية عمياء، تحول بسبب ثقافة العنف العمياء، الى أزمة يختلط فيها الحابل بالنابل. وأثمرت الفوضى قسوةً ما تزال تغذي ذاتها من ذاتها، حتى لكأنها محرك يولد طاقته الخاصة من نفسه.

لقد كان يكفي لحل سلمي وتدريجي أن يقطع السبيل على الكثير مما يجري اليوم من أعمال قتل وتهجير ودمار. إلا أن نظاماً يعرف أنه خاسر في جميع الأحوال، اختار أن يدفع الأوضاع لتذهب البلاد كلها الى الهاوية. وكأني بلسان حاله يقول: إما أنا، أو لا أحد. إما الاستبداد، أو لا بلد.

ويبدو من النتائج الراهنة، أن نظام جمهورية القسوة كان يعرف ماذا يريد، بل ويعرف إلى أين يقود البلاد.

لقد اختار الهاوية، ليس لأنها تنجيه من أي شيء، بل لأنها تطيل عمر الفوضى، وتجعل كلَّ حلٍ عسيراً، وتحوّل آمال الخلاص الى مرارات لا نهاية لها.

والفوضى بيئة مناسبة للغاية لكل المجموعات المتطرفة التي دخلت في نطاق الأزمة، لا لتحلها، وإنما لتصب فوق النار زيتاً للكراهية والتصفيات الطائفية.

وبالنسبة لنظام يؤدلج لنفسه ما يشاء، فإن تفسيراته الجاهزة للخراب لا تقدم له العذر عما صنع من خراب، وهي إذ ترمي ثقل تبعاته على الآخر: العدو، المؤامرة، الإمبريالية،.. أو أي ترهات أخرى، فإنها تريحه وتزيد من قابليته على ممارسة العنف.

ولكن، إذ يصح أن نرى نهاية لسلطة الاستبداد، إلا أن السؤال الجدير بالاعتبار هو: هل يصح أن تدفع البلاد برمتها ثمن الهاوية أيضاً؟ هل نغرق فيها حتى بعد رحيل النظام؟ هل يجوز للانقسامات أن تتواصل، لتثمر عنفاً بلا نهاية، وجرحاً ينزف باستمرار؟

الذين اختاروا العنف، ربما كسبوا شيئاً بجر الأزمة لتكون نوعاً من حرب أهلية، إلا أن سوريا لا تستحق أن تُساق في هذا الاتجاه. ولا من مصلحة شعبها أن يغرق في دوامة كراهيات داخلية، تبرر للطغيان طغيانه، أو تمنحه العذر.

وليس من مصلحة أحد أن يواصل التطرف رفع راياته بأسماء أخرى عقب نزول راية الطغيان.

سوريا، بل المنطقة بأسرها، تستحق حلاً من دون مرارات.

وكائناً ما كانت طبيعة هذا الحل، فيحسن به أولاً، أن يعيد الأزمة الى طبيعتها الأصلية كأزمة وطنية تجاه سلطة استبداد. وثانياً، أن يمنح الطمأنينة لكل طوائف البلاد، ويرفع عن كاهلها أعباء الخراب، وثالثاً، أن يرد للشعب السوري وحدته ويعالج قضاياه على أسس وطنية جامعة.

المعايير الوطنية، إذا ارتفعت على الانقسامات والشروخ الطائفية، فإنها مفيدة للجميع في سوريا، ومفيدة للاستقرار الإقليمي أيضاً.

هناك شيء يجب أن يُغمد، مثلما يُغمد السلاح. وآخر يجب أن يرفرف، مثلما ترفرف الأعلام.

والحرية تستحق أن تنجو نجاة الوطنية التي يذبحها التطرف الآن.

كاتب وناشر ومدير قناة «أي. أن. أن» الفضائية

حل من دون مرارات
علي الصراف

علي الصراف

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة