|
أدي إغناتيوس
توفّر الذكرى الرابعة والعشرون لمجزرة ساحة تيان آن، في سياق الشهر الجاري، فرصة جيِّدة للعودة إلى السُّؤال الشائك حول طبيعة مسؤوليات الشركات الأجنبية عندما تتعامل مع حكومات قمعية كالحكومة الصينية.
وعلى مرِّ السنين، شاهدت رؤساء تنفيذيين نافذين وأقوياء العزيمة يتخلون عن حذّرهم الطّبيعي عندما يواجهون الصين وسوقها، الذي قد ينطوي على إمكانات شاسعة. ويُعدُّ هذا السلوك خطيرًا بالنِّسبة إلى أيّ مسؤول تنفيذي يحاول توسيع نطاق أعماله إلى الصين.
وعندما عملت لمصلحة «تايمز ماغازين» في تسعينيات القرن العشرين والعقد الأول من الألفية الجديدة، كان جيري لفي رئيس مجلس إدارة شركتنا الأم، «تايم وارنر». وإلى جانب إدارته لما يُعدُّ عمومًا أسوأ اتفاق أعمال في التاريخ - الذي قضى بدمج شركتي «تايم وارنر» و»إيه أو ال» في العام 2000 - خطا خطوة ناقصة كرئيس تنفيذي لشركة كبرى مُتعدِّدة الجنسيات، عندما افترض وأكَّد على علاقات مقرّبة نسبيًّا مع جيانغ زيمين، قائد الحزب الشيوعي الصيني آنذاك.
وفي منتدى الثَّرْوة العالمي المنعقد في بيجينغ في العام 1999، تعرّف ليفين رسميًّا إلى جيانغ، الذي كان يلقي الكلمة الرئيسة. وأحال إليه ليفين قائلاً: «صديقي العزيز». وقد انكمشت الحشود على ذاتها - لا سيّما على ضوء الواقع الذي يفيد بأن السلطات الصينية كانت منعت إصدار ذاك الأسبوع من مجلة «تايم» التي يصدرها ليفين، كونها شملت تقارير عن المنفيين السياسيين الصينيين.
ووقع ليفين في فخ تقليدي آخر، إِذْ حاول أن يتحلَّى بطابع صيني أكثر من الصينيين. وفي هذه الحالة، راهن على أن العلاقات المقرَّبة (المعروفة باسم «غوانشي») مع القادة أمثال جيانغ كانت هي المهمّة في نهاية المطاف، وعدّ أنَّها تُؤدِّي إلى تحقيق إنجازات في الأعمال.
ولكن الواقع أن «تايم وارنر»، شأنها شأن شركات مُتعدِّدة الجنسيات كثيرة، عانت صعوبات في الصين. وقد سحبت أعمالها في مجال السينما في العام 2006م لأن القوانين الصينية منعت السيطرة الخارجيَّة على هذه المشروعات. كما أن بيجينغ لم تفعل الكثير على مرِّ السنين للحدِّ من القرصنة التي تقوّض الأعمال في مجال توزيع الأفلام التابعة لشركة «تايم وارنر» في آسيا. والجدير ذكره أن كريس باتن، آخر حاكم لهونغ كونغ قبل أن تعيد بريطانيا هذه المستعمرة إلى الصين في العام 1997، كان الأفضل في شرح ما يحصل. وقد أخبر بعضًا منّا في مقره داخل السراي الحكوميَّة، قبل وقت قصير من التسليم: «لو أمكن أيًّا كان الإثبات أن التملّق من الصين ينجح، لحصل تملّق بِكلِّ الوسائل المتوفرة. ولكن بما أن ذلك لا يُؤدِّي إلى أيّ نتيجة على ما يبدو، ينبغي على الشركات القيام بالأمور على النحو الصحيح».
ولا يقضي الهدف بإنشاء الصداقات، ولكن بمواصلة التركيز على مبادئ الأعمال، مع العلم بأنّ الشركات المُتعدِّدة الجنسيات بحاجة إلى الاحتفاظ بمعاييرها الأخلاقية والتجاريَّة في الصين - وإلا، فلن تأتيها منها إلا خيبة الأمل.
(أدي إغناتيوس رئيس تحرير «هارفارد بيزنس ريفيو»).