أنا لا أقصد بداية بالمدارس الآمنة التي تتوافر فيها عوامل الأمن والسلامة فحسب, وإن كانت مطلباً ملحاً, ولكني أقصد هنا أن تكون المدرسة هي البيئة الآمنة نفسياً واجتماعياً وتعليمياً (للطالب)، فيشعر فيها بأنه قادر على بناء العلاقات السليمة مع معلميه ومع زملائه, تلك العلاقات القائمة على التقدير والاحترام, وأن تكون لديه القدرة على ممارسة حرية النقد وتقديم الرأي المناسب الذي يراعي فيه ضوابط المجتمع الذي يعيش فيه, وأن يحترم آراء الآخرين ومشاعرهم ولو اختلف معهم, وأن يمتلك القدرة على اتخاذ القرار المناسب لمواجهة مشكلاته, لأنه اكتسب مهارات مواجهتها, بداية بمعرفته كيف يتناولها بالتشخيص الدقيق, وكيف له أن يخطط لحلها, وأن تكون لديه رؤية بعيدة في تقدير المستقبل وماذا يرجى منه, رؤية لاتخلو من الأمل والتفاؤل, بدلاً من الإحباطات التي قد تصل إليه في البيت, في الشارع, في المدرسة, ودعوني أسأل قبل أن أطيل عليكم في مواصفات المدرسة التي نريدها آمنة لطلابنا, بربكم هل يصعب أن يمتلك الطالب هذه المهارات اللازمة ليحيا بأمن وأمان في المدرسة وخارجها؟..
بالطبع لا, لكن لن تتأتى (للطالب) إلا من خلال غرس القيم الدينية والمجتمعية في نفسه أولاً, كي يكون مهيئاً لتشربها من معينها الصاف.
وثانياً أن يجد في مدرسته من المعلمين, من يقوم بتأدية (إستراتيجيات التعلم النشط) التي تسمح له أن يشارك بحرية دون خوف, وأن يتشارك مع زملائه في التعلم, وأن يلقى التشجيع والحفز المستمر, دون أن يكون هناك قمع جسدي أو نفسي حتى عند الخطأ.
وثالثاً أن يجد في الفكر القيادي لمدرسته من يوجد هذه الأجواء التي تعين معلمي المدرسة على التواصل معه, ولديهم رضى نفسي ومتعة حقيقية بما يقومون به من عمل.