أحياناً يسوقنا القدر للدخول من أبواب لا نرغب بدخولها ولكنها الظروف تجبرنا أحياناً، وربما هي دروس ربانية يريد لنا الباري جل في علاه منها العظة، ومن ضمنها أبواب الطوارئ بالمستشفيات، فدائماً عند أي مراجعة أو زيارة للمستشفى أجد نفسي مرغماً على الدخول فأرى آثاراً لمعركة ربما لم أتخيل في يوم من الأيام أن نصل إلى هذا العدد من ضحاياها.
سيارة إسعاف واقفة أمام الباب دماء يملأ احمرارها جنبات الأسياب، وكالعادة ضحية جديدة في هذه المعركة، وسأكرر الأخيرة كثيراً لأنها من وجهة نظري المفردة الأنسب لوصف ما يحدث على الطرقات من حوادث مرورية ذهب ضحيتها الكثير من شبابنا بل وخسرنا عائلات بأكملها نتيجتها.
أكتب هذه المقالة وأنا أعلم بأني أمام همٍّ وطني يعيه المسؤول جيداً، بل ويحاول بقدر المستطاع إيجاد الحلول، لكن أحياناً تتحكم في الأمور بعض من الأخطاء التي يتحمل شبابنا ولا شك جزءاً كبيراً منها، إلى جانب بعض من التقصير من الجهات ذات العلاقة على المستوى الخدمي.
ربما منطقة جازان اليوم من أكثر المناطق خسارة من مصابين وقتلى في هذه المعركة، وأقولها وبصراحة لمن جعلوا من «ساهر» وحشاً كاسراً أثقل كاهلهم : والله إني لأتمنى والكثير يشتركون معي في قدوم ساهر بأسرع وقت ممكن للمنطقة، إذا كان سيحد من فقد أعزاء وأحباء في عمر الزهور، وأهلاً به إذا كان عوناً - بعد لطف الله - في الحد من معركة خسر فيها وطننا الكثير والكثير ونشعر بالحرقة لذلك.
عندما نقول في شباب وطننا الخير الكثير، فإننا نعني ذلك من خلال ما نراه اليوم من حراك في منطقة جازان لشباب بذلوا جهدهم من أجل تنفيذ حملة توعوية على مواقع التواصل الاجتماعي، ولعل الشكر الكبير لقائد الحملة الأستاذ إبراهيم الحازمي، وكذلك لكل الشباب الذين حاولوا وما زالوا يحاولون إيصال معلومة أو نشر صورة ربما تكون - بعد عون الله - سبباً في توقف الكثير عن طيشهم وعدم اكتراثهم بأماني وآمال الآخرين.
يا شباب وطني بحّت أصوات المسؤولين من النداء وبحّت أصواتنا وأصوات حتى عائلاتكم من البكاء ومن الألم، ولا أريد أن أطرح بين هذه السطور أرقاماً تكون شاهداً على حجم خسارتنا الكبيرة من المتوفين والمصابين جراء معارك الحوادث، وأقولها بكل آسف هذه الأرقام جعلتنا مثالاً للتهور وربما لغيره بين دول العالم.
الوطن بحاجة لنا لكي نكمل مسيرة الآباء والأجداد، وأتمنى ألاّ نكون عالة عليه بسبب بعض تصرفاتنا الهمجية على الطرقات.