عندما تشاهد خطوط إنتاج هذه الصحيفة ستلاحظ أن فنيي المصنع يقومون فوراً بسحب وإتلاف أية نسخة من الصحيفة لا تبدو في شكلها النهائي متطابقة تماماً مع شكل التيار العام للنسخ، وهذا الأمر ينسحب أيضاً على كل خطوط المصانع التي تنتج أدوات وأجهزة.
إن التباين والاختلاف في الشكل النهائي للمنتج هو مؤشر يدل على خلل مصنعي نجم عن اختلاف المعالجة لبعض نسخ المنتج. التعليم هو الآخر صناعة لها خطوط إنتاجها المعقدة.
لكن صناعة التعليم تتميّز عن غيرها من الصناعات بأن الاختلاف والتباين في معالجة منتجها التعليمي أمر منطقي وطبيعي، بل متوقّع.
المشكلة تكمن تحديداً في أن المدرسة لدينا (المصنع التعليمي) تسعى جاهدة لتوحيد وتطابق وتنميط طلابها، بل إنها تنبذ الاختلاف والتباين بين طلابها، وبالتالي تسعي إلى إلغاء فردانية الطالب، وتعمل على إزالة أية أطراف بارزة لديه ليمكن إدماجه في التيار العام للمجتمع الطلابي. قد يكون السبب في ذلك أن تعليمنا يعمل وسط ثقافة وأعراف لا تعترف أصلاً بفردانية واستقلالية الشخص، وترى أن أثرها يكون ناجحاً بقدر نجاحها في صهر الطالب وإذابة شخصيته في ثقافة مجتمعه، وبالتالي وجدنا طالبنا يستمد قوته من قوة جماعته وربعه وأهله وقبيلته وليس من قوته وتفرده شخصياً. هناك مقولات مأثورة شائعة دعمت هذا التوجه مثل: إنما يأكل الذيب من الغنم الشاردة، لزوم الجماعة، (الموت مع الجماعة رحمة).
يجب على التعليم أن يحترم ويعترف بفردانية الشخصة دون إخلال بواجباته المهنية الأخلاقية تجاه مجتمعة.
أستاذ التربية بجامعة الملك سعود