لم تكن تلك الطفلة البريئة في مدينة الخرمة تدري عن قدرها وما يتربص بها أو يمكن أن يحدث لها من جراء خروجها لفناء منزلهم في مساء أحد الأيام، ولم تدرك أسرتها سبب صراخها المفاجئ إلا بعد أن رأى والدها ابنته وكتفها تنزف دماً دون أثر لوجود مجرم!! بيد أنه سارع باحتضان ابنته ونقلها للمستشفى، وقام الأطباء باستخراج رصاصة رشاش طائشة مجهولة المصدر، ربما انبعثت من أحد قصور الأفراح القريبة لمنزلهم!! وحالة الطفلة حالياً مستقرة بعد إخراج الرصاصة.
وفي الوقت الذي نحمد الله أن الإصابة كانت في الكتف ولم تكن في الصدر أو في الوجه، إلا أن الأمر يحتاج لحزم وحسم وعقاب لمن تسبب بإصابة تلك الطفلة وفجيعة أسرتها، وتهاونَ بإطلاق الأعيرة النارية دون تفكير أو تدبر لمآلها!
وإن كانت الجهات المختصة تقوم بتوعية الناس لخطورة ذلك فإنه لا يكفي! في ظل وجود حوادث أليمة مثلما حصل من حرائق ووفيات في بعض قصور الأفراح في صيف 2012م، وتحولت الأفراح لأتراح ومآسٍ، حيث راح ضحيتها عدد من الأبرياء الذين لا ذنب لهم سوى أنهم جاؤوا لتهنئة العروسين ومشاركتهم فرحتهم وتقديم واجب اجتماعي نحوهم، مثلما حصل في بلدة (عين دار) في بقيق، حيث تسبب إطلاق الرصاص بسقوط أحد الأسلاك الكهربائية المعلقة، ونجم عنه وفاة خمس وعشرين شخصاً أغلبهم سيدات، وإصابة أكثر من ثلاثين آخرين أثناء تجمعهم في أحد المنازل لحضور حفل زفاف! وغالبا ما يتم ذلك بسبب انحراف أو انزلاق السلاح الناري من يد أحدهم نحو وجهة خاطئة، أو نتيجة رجوع الرصاص لنقطة الإطلاق!
وبرغم أن تلك الحوادث تعد قليلة وتقع في بعض القرى أو المدن الصغيرة بحسب الثقافة الاجتماعية وأعراف وتقاليد سكانها ممن يرون عدم اكتمال الفرحة بدون إطلاق الرصاص! إلا أن حدوثها قاتل ومفجع وقد يؤدي إلى حصول ما لا تُحمد عقباه. وفي ذلك مفارقة عجيبة بالنظرة للفرح والسرور تحت وابل الرصاص الذي يوحي بالحرب والحزن وليس الفرح! ولكنها أزمة فكرية تحتاج لعلاج.
وهذه العادة السيئة منتشرة في أغلب الدول العربية وتحاربها السلطات، ولكن دون حزم لاقترانها بعادات وتقاليد ارتبطت بالفرح، ونحن أمة تعشق الوناسة حتى لو جرّت ويلات على الأبرياء بسبب العبث بالسلاح في الأعراس والمناسبات.
في الختام أقول: أنت يا راعي الرشاش.. تراها صارت قديمة، بطَلوها، بطَلوها يا قديم!
rogaia143@hotmail.comTwitter @rogaia_hwoiriny