ثقافة الإقصاء أو التعصب الفكري من منظور سوسيولوجي.. هو ثقافة الضعفاء تنطلق من مقولة (إذا لم تكن معي فأنت ضدي).. مقولة تحمل في طياتها صوراً سلبية وأساليب قمعية تعكس حالات مرضية سلوكية معادية.. لفن الحوار وأدبياته.. كعدم احترام الرأي ،وقبول الآخر، ومصادرة الآراء بكل غباء وجفاء وانكفاء .. إن ثقافة الإقصاء أو التعصب القمعي شكل مغاير لثقافة الحوار الحضاري .. وهي ثقافة تّنم عن شخصية غير متزنة او مضطربة في سلوكها الاتصالي والوجداني،.. (ثقافة مهزومة) لا يمكن لها بناء مجتمع متعدد، وتحقيق مفهوم المواطنة .. يأخذ كل مواطن حقوقه دون النظر إلى لونه أو عرقه او هويته ومذهبه. فالحوار من أهم أدوات التواصل الفكري والثقافي والاجتماعي التي تطلبها الحياة في المجتمع المعاصر، لما له من أثركبير في تنمية قدرة الأفراد على التفكير المشترك والتحليل والاستدلال، فضلاً عن كونهِ وسيله فاعلة، وقناة مهمة للتآلف والتعاون وقبول الآخر والتعايش معه.. بديلاً عن سوء الفهم والتقوقع والتعسف وممارسة أساليب القمع والاحتقار والازدراء والتصلف.. وعلى طريقة فرعون (ما أريكم إلا ما أرى)..!
* فمع ظهور خلايا التعصب الرياضي الذي بدأ يستفحل في جسد مجتمعنا الرياضيِِ ويشكل معوقاً من معوقات التنمية الرياضية.. أفرز ما يسمى بـ( ثقافة الإقصاء) أو العقلية الاقصائية -كما يسميها علماء الاجتماع-، خصوصاً في معظم الحوارات الرياضية عبر القنوات الفضائية المتخصصة، فنشاهد حوارات صراعية أشبه بصراع الديكة..!! ونقاشات ركيكة تفتقد لأبسط قواعد الذوق واحترام الرأي وقبول الآخر.. حوارات عقيمة تصادر الآراء بثقافة مهزومة ملئية بالضجيج الهجومي والمناكفات اللفظية .. ثقافة معادية لا تؤمن أن الاختلاف في الرأي دليل على صحة وعافية الحوار، وأنه يسير في الاتجاه السليم.. يقودها بعض الإعلاميين الرياضيين وغير الإعلاميين وفق ميولهم المكشوفة واتجاهاتهم الفكرية المفضوحة.. بلغة انتقادية وثقافة إقصائية .. تتجاوز قيم ومعايير وأسس الطرح العقلاني في الرأي الرياضي.. فيتبنى هذا المرض النفسي الاجتماعي (التعصب الرياضي) في ظل إرهاصاته الخطيرة.. ما يسمى (بالعقلية الإقصائية)..!!
*أن تكريس ثقافة الإقصاء أو التعصب المقيت في مجتمعنا الرياضي يمثل اتجاهاً فكرياً خطيراً.. نعم خطير لاسيما على سلوك النشئ التي من الممكن أن تلوث عقولها بمكروبات التعصب ورواسب التطرف، كثقافة مضادة للقيم الأخلاقية والمعايير الاجتماعية الأصلية، وربما ترسم لنا -ومع اتساع دائرتها المظلمة (فكرياً)- مستقبلاً مخيفاً للغة الحوار الرياضي.. خصوصاً أن المجتمع السعودي مجتمع فتي يعيش مرحلة شبابة في واقعنا المعاصر.. باعتبار أن 65% من تركيبته الديموغرافية (السكانية) هم من الفئة الشبابية، دون سن الثلاثين .. وهذه الفئة تتجه معظم اهتماماتها إلى الرياضة، ومتابعتها.. والأكيد أن (الإعلام الرياضي) وتوجهاته الرهيبة يلعب دوراً كبيراً في تأجيج التعصب الرياضي وإذكاء رواسب الاحتقان والكره والبغضاء والغوغائية، وتبني العقول الاقصائية، والأفكار المتطرفة، والأدمغة الأحادية، داخل القوالب الشبابية التي تعد الأكثر متابعة للرياضة والميل نحو الانتماء للأندية التنافسية، خاصة وأن مساحة الحرية في (الإعلام الرياضي) بمختلف وسائله واتجاهاته تأخذ حيزاً أوسع ومنطلقاً أكبر، وبالتالي ظهور مزيد من العمليات الاجتماعية الهادمة من تجاوزات مخالفة وممارسات ساقطة.. تتعارض مع مبدأ النسيج الاجتماعي، وتتنافى مع قواعد الضبط الأخلاقي والمهني والقيمي.. ممارسات فجّة تتسع مساحتها مع غياب حارس البوابة الإعلامية..!!
*إن غياب ثقافة الحوار الرياضي والشفافية، وانعدام قيم الوسطية والاعتدال والتسامح في الخطاب الإعلامي في مجتمعنا الرياضي تحديداً.. أفرز ما يسميه الاجتماعيون بـ(العقلية الإقصائية) التي تشكل وبحسب الدراسات الاجتماعية معوقاً من معوقات التنمية، ومن هنا ينبغي إعادة صياغة حوارنا الرياضي وصيانة لغته غير المتزنة، بتأسيس حوار رشيد وواع تطلق مبادرته الرئاسة العامة لرعاية الشباب وبالتعاون مع مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني.. يأخذ المنحى التنويري الجدي في تنفيذ برامجه وإقامة ورش عمل وملتقيات علمية وندوات ثقافية مكثفة.. تنادي بتأصيل وتفصيل الحوار الرياضي والارتقاء بالخطاب الإعلامي في مجتمعنا الرياضي.. فالحوار أساس الاستقرار..!
Twitter@kaldous1