إن الأمم لتبنى بأيدي وسواعد أبنائها والحضارات ترتقي بأفكارهم؛ وتطور الدول وتقدمها يقاس باستثمارها في إنسانها لأنه أفضل أنواع الاستثمار حكايتي هذا الأسبوع عن تعليمنا الذي لا يغني ولا يسمن من جوع في نهاية كل عام دراسي تخرج لنا إدارات التربية والتعليم بجميع المناطق بتكريمات واحتفالات ومعارض تتفاخر بأنها إنجازات تدعم الوطن بكوادر وقادة المستقبل...
...والحقيقة التي لا تتجزأ أنها مجرد هرطقات ليس إلا فغالبية المدارس تقوم بعمل معرض جماعي فني يحتوي المتميزين في الرسم والطباعة والتركيبات والخط وعلى أثره تقوم مكاتب التربية والتعليم بعمل معرض جماعي للمتميزين من المدارس في الرسم والخط والطباعة والتركيبات.. ولو حسبنا هذه الأعداد من المتميزين هل ستقدر بالآلاف إذا كان عدد طلاب وطالبات المملكة خمسة ملايين تقريباً 4.918.577 طالباً وطالبة بحسب إحصائية عام 1432-1433هـ.
لو قمنا بتصفية وغربلة اختبارات القدرات هل سنخرج مثلاً بمئات المتميزين؟ ما مصير هذه الأعداد بعد المرحلة المتوسطة مثلاً؟.. هل اهتم بهم المعلمون أو المكاتب أو مسؤولو الأنشطة الطلابية؟ لماذا لا ترفع المدارس أو مكاتب التربية والتعليم بأسماء هؤلاء المتميزين لعمل آلية لهم تتمثل في برامج صيفية ذات جودة يقوم عليها أهل الاختصاص من الفنانين والفنانات لتنمية مواهبهم والتعامل مع كل موهوب حسب قدراته الفنية سواء أكانت في الفن التشكيلي أو المسرح أو الخط العربي أو التصوير الفوتوغرافي إذا كان النشاط الطلابي وميزانياته ومراكزه الصيفية لا تستطيع تقديم دورات أو كورسات احترافية لهم فمن الممكن أن تزود جهات الاختصاص كجمعيات التشكيليين أو جمعية الثقافة والفنون أو النوادي الأدبية أو حتى المراكز الخاصة والمراسم الفنية ومن المؤسف حقاً أن يكرم طلاب الأنشطة العلمية أو غيرها من الأنشطة المختلفة ولا يكرم طلاب قسم النشاط الفني هل الطالب الفنان خارج إطار التغطية التعليمة أم ماذا؟..
الشاهد هنا الذي لفت نظري هو حادثة حدثت لأحد المعلمين بالمرحلة الابتدائية قبل عدة سنوات وهي أن أحد طلابه قدم لوحة من قماش بطول 30 متراً كمرحلة أولى وطلبها مشرف التربية الفنية لتغطية ممر أحد المدارس التي كانت تستضيف أحد المعارض الفنية لتغطية مواضئ المدرسة (الحنفيات) ليكون الممر جميلاً باللوحة، ورفض المعلم كون هذا الفعل تسخيف من إنجاز الطالب وتحقير للفنون الجميلة ولم تتوقف الكارثة عند هذا الحد ففي مرحلة اللوحة الثانية اكتملت اللوحة 85 متراً جسدت معالم المملكة وفي تدشينها لم يحضر من يمثل النشاط الفني هذا المثال يذهب بي إلى استنتاجين:
الأول: هو أن يوكل الأمر لغير أهله.
الثاني: أن الفقر في الذائقة البصرية في مجتمعنا هو نتاج طبيعي للجهل الحاصل بمدارسنا ومكاتب تعلمينا.
jalal1973@hotmail.comtwitter@jalalAltaleb - فنان تشكيلي