الجنادرية اسم لتلك التظاهرة الثقافية الكبرى التي تحكي تراث وتاريخ هذا الوطن الكبير، والتي يقوم عليها وينظمها الحرس الوطني كل عام منذ ما يزيد على ربع قرن من الزمان، والتي تبنّاها وأرسى دعائمها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز عندما كان رئيساً للحرس الوطني، وواصل مسيرتها المظفرة صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبد الله بن عبد العزيز رئيس الحرس الوطني الآن، وكأنهم - حفظهم الله - بهذه الهمة العالية يضيفون إلى حراسة هذا الوطن العزيز، مهمة أخرى وهي حراسة تراثه وحضارته.. حراسته أولاً من عوادي الزمن، ثم من عوادي جهلة هذا الوطن ممن همهم محاربة ماضيهم والتنكر لتاريخهم، بدلاً من أن ينظروا إليه بعين الفخر والاعتزاز..؟!
إن المهرجان الوطني للتراث والثقافة - الجنادرية - وما حققه من نجاحات متتالية على مدى العقود الماضية. ليعد مفخرة لكل سعودي غيور على هذا الوطن وأمجاده. فهو من جهة، تخليد وإحياء لثقافتنا الوطنية بجوانبها المختلفة، وتعريف الأجيال الناشئة بماضيها وتراثها، ومن جهة أخرى إظهار وعرض لمنجزات الآباء أمام مرتادي وزوّار هذا المهرجان. الذين يتقاطرون عليه من مختلف البلدان والشعوب.. وفتح المجال للباحثين والمؤرخين والمثقفين للوقوف على حضارة شبه الجزيرة العربية الضاربة في القدم، وتدوين مشاهداتهم في كتبهم ومؤلّفاتهم.. والتي لولا هذا المهرجان لما تسنىّ لهم الحصول على هذه المعلومات والمعارف إلا بجهد شاق من التنقل والبحث والتقصي.. لاسيما وأن هذا المهرجان أصبح نقطة تلاق وتمازج لتراث وفنون مناطق بلادنا المترامية الأطراف في مكان واحد. مما سهل الوصول إليها والاستفادة منها..
لقد تفوّق مهرجان الجنادرية وبلغ شأواً بعيداً لم يبلغه مهرجان من المهرجانات المماثلة في عالمنا العربي، بفضل الله ثم بفضل الرجال المخلصين الذين نذروا الوقت والجهد لخدمة هذا الوطن الغالي وتراثه المجيد.. فلهم الشكر والعرفان من كل مواطن غيور..
إن بلادنا غنية بالتراث والآثار والفنون التي تمثل الحضارات التي تعاقبت على هذه الوطن. والتي تعد جزءاً محورياً من منظومة الحضارات البشرية. مما يتوجب معه حمايتها والحفاظ عليها كموروث نفيس نعتز به. وهو ما توليه الدولة جل اهتمامها ورعايتها من خلال قطاعاتها المختلفة.. وإن مما يحز في النفس أن نسمع عن البعض ذلك التنكر والجحود لثقافتهم وماضيهم المشرق.. منساقين وراء بعض الأفكار والتوجهات المعادية لهذا الوطن وقيادته وأبنائه، من حيث يشعرون أو لا يشعرون، وإلا فهل يتصور أن يقف إنسان ضد ماضيه وتراثه..؟؟!
هذه الظاهرة لدينا لا يوجد لها مثيل في شعب من الشعوب.. حتى ليصدق على البعض منا قول أحد المفكرين: إنه ما من أمة تحارب تراثها من بين أمم الأرض مثل هذه الأمة.
أبى عليّ قلمي بعد أن تجوّلت في جنبات هذا المهرجان وما تضمنه من ألوان التراث، وما استمتعت بسماعه من ألوان فنون مناطقنا المميزة، ثم ما اطلعت عليه من التغطيات الجميلة لمناشطه في صحيفتنا العريقة الغراء - الجزيرة - أبى عليّ قلمي إلا أن أدوّن هذه المشاعر الفياضة تجاه هذا المهرجان والقائمين عليه.. فإلى الأمام وإلى مزيد من النجاحات. والله ولي التوفيق.
- المجمعة